للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُمْهورِ العُلَماءِ، منهم؛ مالكٌ، والشَّافعىُّ، والأوْزَاعىُّ، واللَّيْثُ، والثَّوْرِىُّ. قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا أحْفَظُ عن غيرِهِم خِلَافَهم. فإنْ باع الأمَةَ، ثمَّ ولَدَتْ، لم يَعْتِقْ ولَدُها؛ لأنَّها ولَدَتْهُم بعدَ زوالِ مِلْكِه.

فصل: فإِن قال: أوّلُ غُلَامٍ أَمْلِكُه، فهو حُرٌّ. انْبَنَى ذلك على العِتْقِ قبلَ المِلْكِ، وفيه رِوَايتان؛ فإِنَّ قُلْنا يَصِحُّ عِتْقُ اولِ مَنْ يَمْلِكُه. فإِن مَلَكَ اثْنَيْنِ، عَتَقَ أحدُهما بالقُرْعَةِ، فى قياسِ قولِ أحمدَ، فإنَّه قال، فى روايةِ مُهَنَّا: إذا قال: أوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ من عَبِيدِى، فهو حُرٌّ. فطَلَعَ اثْنَانِ، أو جَمِيعُهم، فإنَّه يُقْرَعُ بينهم. ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَا جميعًا؛ لأنَّ الأوَّلِيَّةَ وُجِدَتْ فيهما جَمِيعًا، فتَثْبُتُ الحُرِّيَّةُ فيهما، كما لو قال فى المُسَابقَةِ: مَنْ سَبَقَ، فله عَشرةٌ. فسَبَقَ اثنانِ، اشْتَرَكا فى العشرةِ. وقال النَّخَعِىُّ: يُعْتِقُ أيَّهما شاء. وقال أبو حنيفةَ: لا يَعْتِقُ واحدٌ منهما؛ لأَنَّه لا أَوَّلَ فيهما؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما مُساوٍ للآخَرِ، ومِنْ شَرْطِ الأوَّلِيَّةِ سَبْقُ الأوَّلِ. ولَنا، أَنَّ هذَيْن لم يَسْبِقْهُما غَيْرُهما، فكانا أوَّلَ، كالواحدِ، وليس من شَرْطِ الأَوَّلِ أن يَأْتِىَ بعدَه ثانٍ، بدليلِ ما لو مَلَكَ واحِدًا ولم يَمْلِكْ بعدَه شيئًا، وإذا كانت الصِّفَةُ مَوْجودةً فيهما، فإمَّا أن يَعْتِقَا جميعًا، أو يَعْتِقَ أحَدُهما وتُعَيِّنَه القُرْعةُ، على ممَّا ذكرنا من قبلُ. وكذلك الحكمُ فيما إذا قال: أوَّلُ ولَدٍ تَلِدِينَه، فهو حُرٌّ. فولَدَتِ اثْنَيْنِ، وخَرَجَا (٥) معًا، فالحكُم فيهما كذلك.

فصل: وإن قال: آخِرُ عَبْدٍ أمْلِكُه، فهو حرٌّ. فمَلَكَ عَبِيدًا، لم يُحْكَمْ بعِتْقِ واحدٍ منهم حتَّى يَمُوتَ؛ لأَنَّه ما دام حَيًّا، فهو يَحْتَمِلُ أن يَمْلِكَ عَبْدًا يكونُ هو الآخِرَ، فإذا مات، عَتَقَ آخِرُهُم (٦)، وتبَيَّنَّا أنَّه كان حُرًّا حينَ مَلَكَه، فيكونُ اكْتِسابُه (٧) له. وإن كانتْ أمَةً، كان أولادُها أحْرارًا من حينَ ولَدَتْهم؛ لأنَّهم أولادُ حُرَّةٍ. وإن كان وَطِئَها، فعليه مَهْرُها؛ لأَنَّه وَطِئَ حُرّةً أجْنَبِيَّةً، ولا يَحِلُّ له أن يَطَأَها حينَ مَلَكَها، حتَّى يَمْلِكَ بعدَها غيرَها، لأنّه ما لم يَمْلِكْ بعدَها غيرَها، فهى آخِرٌ فى الحال، وإنَّما يَزُولُ (٨) ذلك


(٥) فى م زيادة: "جميعا".
(٦) فى ب: "الآخر".
(٧) فى أ، ب، م: "أكسابه".
(٨) فى الأصل: "يؤول".

<<  <  ج: ص:  >  >>