للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَة، فذَكَرَ وُضُوءَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: ثم تَوَضَّأَ، ومَسَحَ على الخُفَّيْنِ، فوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى على خُفِّهِ الأيْمَنِ، ووَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى على خُفِّهِ الأيْسَرِ، ثم مَسَحَ أعْلَاهُما مَسَحَةً وَاحِدَةً، حتى كأنِّى أنْظُرُ إلى أثَرِ أصَابِعِهِ على الخُفَّيْنِ (٩). قال ابْنُ عَقِيلٍ: سُنَّةُ المَسْحِ هكذا، أنْ يَمْسَحَ خُفَّيْهِ بِيَدَيْهِ اليُمْنَى لِلْيُمْنَى واليُسْرَى لِلْيُسْرَى. وقال أحمدُ: كَيْفَما فَعَلْتَ (١٠) فهو جائِزٌ، باليَدِ الوَاحِدَةِ أو باليَدَيْنِ (١١)، وقَوْلُ الحسنِ، مع ما ذَكَرْنا، لا يتَنافَيانِ.

فصل: فَإنْ مَسَحَ بخِرْقَةٍ أو خَشَبَةٍ، احْتَمَلَ الإِجْزَاءَ؛ لأنَّهُ مَسَحَ على خُفَّيْهِ، واحْتَمَلَ المَنْعَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَسَحَ بِيَدِهِ. وإنْ مَسَحَ بإِصْبَعٍ أو إصْبَعَيْنِ، أجْزَأَهُ إذا كَرَّرَ المَسْحَ بِها، حتَّى يَصِيرَ مِثْلَ المَسْحِ بأصَابِعِهِ. وقِيل لأحمدَ: يَمْسَحُ بالرَّاحَتَيْنِ أو بالأصَابِعِ؟ قال: بالأصَابِعِ. قِيل له: أَيُجْزِئُه بإصْبَعَيْنِ؟ قال: لم أسْمَعْ.

فصل: وإنْ غَسَلَ الخُفَّ، فتَوَقَّفَ أحمدُ، وأجازَهُ ابنُ حامِدٍ؛ لأنَّهُ أَبْلَغُ مِن المَسْحِ. وقال القاضي: لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه أُمِرَ بالمَسْحِ، ولم يَفْعَلْهُ، فلم يُجْزِهِ، كما لو طَرَحَ التُّرَابَ على وَجْهِهِ ويَدَيْهِ في التَّيَمُّمِ، لكِنْ إنْ أمَرَّ يَدَيْهِ على الخُفَّيْنِ في حالِ الغَسْلِ، أو بَعْدَه أَجْزَأهُ؛ لأنَّه قد مَسَحَ.

٨٩ - مسألة؛ قال: (وإنْ مَسَحَ أسْفَلَهُ دُونَ أعْلَاهُ، لَمْ يُجْزِهِ)

لا نَعْلَمُ أحدًا قال: يُجْزِئُه مَسْحُ أسْفَلِ الخُفِّ، إلَّا أَشْهَبَ (١) مِنْ أصْحَابِ مالِك، وبعضَ أصْحَابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهُ مَسَحَ بَعْضَ ما يُحاذِى مَحَلَّ الفَرْضِ، فأجْزَأهُ، كما لو مَسَحَ ظَاهِرَهُ. والمَنْصُوصُ عن الشَّافِعِىِّ، أنَّه لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه ليس مَحَلًّا لِفَرْضِ المَسْحِ، فلم يُجْزِىءْ مَسْحُهُ، كَالسَّاقِ. وقَدْ ذَكَرْنا أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(٩) انظر: تخريج حديث المغيرة بن شعبة، المتقدم في أول الباب صفحة ٣٥٩.
(١٠) في م: "فعله".
(١١) في م: "أو باليدين".
(١) أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسى، من أهل مصر، من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك، وأشهب لقب له واسمه مسكين، توفى بمصر سنة أربع ومائتين. الديباج المذهب ١/ ٣٠٧، ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>