للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ أحَدَكُمْ إذَا قامَ فَصَلَّى، جَاءَهُ الشَّيْطانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ (٢٠)، حَتَّى لا يَدْرِى كَمْ صَلَّى؟ فَإذَا وَجَدَ ذَلِك أحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جالِسٌ". مُتَّفَقٌ عليه (٢١). ولأنَّه شَكَّ في الصَّلَاةِ فلم يُبْطِلْها، كما لو تَكَرَّرَ ذلك منه. وقَوْلُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا غِرَارَ". يعني لا يَنْقُصُ مِن صَلَاتِه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ لا يَخْرُجُ منها وهو [شَاكٌّ في] (٢٢) تَمَامِها، ومن بَنَى على اليَقِينِ لم يَبْقَ في شَكٍّ من تَمَامِها، وكذلك من بَنَى على غَالِبِ ظَنِّهِ فوَافَقَهُ المَأْمُومُونَ، أو رَدُّوا عليه غَلَطَه، فلا شَكَّ عندَه.

فصل: ومتى اسْتَوَى عنده الأمْرَان بَنَى على اليَقِينِ، إمَامًا كان أو مُنْفَرِدًا، وأَتَى بما بَقِىَ من صَلَاتِه، وسَجَدَ للسَّهْوِ قبلَ السَّلامِ؛ لأنَّ الأصْلَ البِنَاءُ على اليَقِينِ، وإنَّما جازَ تَرْكُه في حَقِّ الإِمامِ، لِمُعَارَضَتِه الظَّنَّ الغَالِبَ، فإذا لم يُوجَدْ، وجب الرُّجوعُ إلى الأصْلِ.

فصل: وإذا سَهَا الإِمامُ فأتَى بِفِعْلٍ في غيرِ مَوْضِعِه، لَزِمَ المأْمُومِينَ تَنْبِيهُه، فإن كانوا رِجالًا سَبَّحُوا به، وإن كانوا نِسَاءً صَفَّقْنَ بِبُطُونِ أكُفِّهِنَّ على ظُهُورِ الأُخْرَى، وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وقال مالِكٌ: التَّسْبِيحُ للرِّجالِ والنِّسَاءِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- "مَنْ نَاوبَهُ شَىْءٌ في صَلَاتِه، فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللهِ". مُتَّفَقٌ عليه (٢٣). وحُكِىَ


(٢٠) لبس عليه: خلط عليه أمر صلاته.
(٢١) أخرجه البخاري، في: باب السهو في الفرض والتطوع، من كتاب السهو. صحيح البخاري ٢/ ٨٧. ومسلم، في: باب السهو في الصلاة والسجود له، من كتاب المساجد. صحيح مسلم ١/ ٣٩٨. كما أخرجه أبو داود، في: باب من قال يتم على أكبر ظنه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٣٧. والترمذي، في: باب ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي ٢/ ١٨٧، ١٨٨. والنسائي، في: باب التحرى، من كتاب السهو. المجتبى ٣/ ٢٦. والإمام مالك، في: باب العمل في السهو، من كتاب السهو. الموطأ ١/ ١٠٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٤١، ٢٧٣، ٢٨٤.
(٢٢) في م: "في شك من".
(٢٣) أخرجه البخاري، في: باب من دخل ليؤم الناس. . . إلخ، من كتاب الأذان، وفى: باب رفع الأيدى في الصلاة لأمر ينزل به، من كتاب العمل في الصلاة، وفي: باب الإشارة في الصلاة، من كتاب السهو، =

<<  <  ج: ص:  >  >>