للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

["فَلْيَتَحَرَّ أقْرَبَ ذَلِكَ لِلصَّوَابِ] (١٣) ". وفى لَفْظٍ: "فَلْيَتَحَرَّ الَّذِى يَرَى أنَّهُ الصَّوَابُ". رَوَاها كُلَّها مُسْلِمٌ. (١٤) وفى لَفْظٍ رَوَاهُ أبو داودَ، (١٥) قال: "إذا كُنْتَ في صَلَاةٍ، فَشَكَكْتَ في ثَلَاثٍ أو أَرْبَعٍ، وأَكْثَرُ ظَنِّكَ على أَرْبَعٍ، تَشَهَّدْتَ، ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ وأَنْتَ جَالِسٌ". [وإنما حمَلْنا هذا على الإِمامِ دونَ] (١٦) المُنْفَرِدِ، لأنَّ الإِمامَ له مَنْ يُنَبِّهُه ويُذَكِّرُهُ إذا أخْطَأ الصَّوابَ، فيعملُ (١٧) بالأظْهَرِ عندَه، فإن أصابَ أَقَرَّهُ المَأمُومُون، فيَتَأَكَّدُ عِنْدَه صوابُ نَفْسِه، وإن أَخْطَأَ سَبَّحُوا به، فَرَجَع إليهم، فيحصُلُ (١٨) له الصَّوَابُ على كِلْتَا الحالَتَيْن، وليس كذلك المُنْفَرِدُ، إذْ ليس له من يُذَكِّرُه، فَيَبْنِى على اليَقِينِ، لِيَحْصُلَ له إتْمامُ صَلَاتِه، ولا يكونُ مَغْرُورًا بها، وهو مَعْنَى قولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا غِرَارَ في صَلَاةٍ (١٩) ". وعلى هذا يُحْمَلُ حَدِيثُ أبي سعيدٍ وعبد الرحمنِ بنِ عَوْفٍ على المُنْفَرِدِ, وحديثُ ابنِ مسعودٍ على الإِمامِ، جَمْعًا بين الأخْبارِ، وَتَوْفِيقًا بينها. فإن اسْتَوَى الأَمْرَانِ عندَ الإِمامِ، بَنَى على اليَقِينِ أيضًا. وعلى الرِّوَايةِ الثَّانِيَةِ يُحْمَلُ حَدِيثُ أبي سعيدٍ وعبدِ الرحمنِ علَى مَن لا ظَنَّ له، وحَدِيثُ ابْنِ مسعودٍ على مَن له ظَنٌّ. فأمَّا قَوْلُ أصْحَابِ الرَّأْىِ فيُخالِفُ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد رَوَى أبو هُرَيْرَةَ أنَّ


(١٣) في الأصل: "فليتم أقرب ذلك إلى الصواب".
(١٤) انظر الباب السابق في صحيح مسلم ١/ ٤٠٠، ٤٠١.
(١٥) في: باب من قال يتم على أكبر ظنه، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٣٦. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٤٢٩.
(١٦) مكان هذا في م: "فعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد على من استوى عنده الأمران، فلم يكن له ظن. وحديث ابن مسعود على من له رأى وظن يعمل بظنه، جمعا بين الحديثين وعملا بهما، فيكون أولى، ولأن الظن دليل في الشرع، فوجب اتباعه، كما لو اشتبهت عليه القبلة. واختار الخرقى التفريق بين الإمام والمنفرد، فجعل الإمام يبنى على الظن، والمنفرد يبنى على اليقين، وهو الظاهر في المذهب، نقله عن أحمد الأثرم وغيره. والمشهور عن أحمد البناء على اليقين في حق".
(١٧) في م: "فليعمل".
(١٨) في م: "فيجعل".
(١٩) في م: "الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>