للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنْذِرِ. وقال الحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، ومالِكٌ، وإسحاقُ: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الحُرِّ الصَّغِيرِ؛ لأنَّه غيرُ مميِّزٍ، أشْبَهَ العبدَ. وذكرَه أبو الخَطَّابِ روايةً عن أحمدَ. ولَنا، أنَّه ليس بمالٍ، فلا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ، كالكبيرِ النَّائِمِ. إذا ثبت هذا، فإنَّه إن كان عليه حَلْىٌ أو ثيابٌ تبْلُغُ نِصابًا، لم يُقْطَعْ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأكثرُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ. وذكر أبو الخَطَّاب وجهًا آخَرَ، أنَّه يُقْطَعُ. وبه قال أبو يوسفَ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لظاهِرِ الكتابِ، ولأنَّه سَرَقَ نِصَابًا من الحَلْىِ، فَوَجَبَ فيه (٣٦) القَطْعُ، كما لو سَرَقَه مُنْفَرِدًا. ولَنا، أنَّه تابِعٌ لِمَا لا قَطْعَ في سَرِقَتِه، أشْبَهَ ثيابَ الكبيرِ، ولأنَّ يدَ الصَّبِىِّ على ما عليه؛ بدليل أنَّ ما يُوجَدُ مع اللَّقِيطِ يكونُ له. وهكذا لو كان الكَبِيرُ نائِمًا على متاعٍ، فَسَرَقَه ومتاعَه، لم يُقْطَعْ؛ لأنَّ يدَه عليه.

فصل: وإن سَرَقَ عبدًا صغيرًا، فعليه القَطْعُ، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمعَ على هذا كُلُّ من نحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ؛ منهم الحسنُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو حنيفةَ، ومحمدٌ. والصَّغِيرُ الذي يُقْطَعُ بِسَرِقَتِه، هو الذي لا يُمَيِّزُ، فإن كان كبيرًا لم يُقْطَعْ سارِقُه، إلَّا أن يكونَ نائِمًا، أو مجنونًا، أو أعْجَمِيًّا لا يُمَيِّزُ بينَ سَيِّدِه وبينَ غيرِه في الطَّاعَةِ، فيُقْطَعُ سارِقُه. وقال أبو يوسفَ: لا يُقْطَعُ سَارِقُ العَبْدِ وإن كانَ صغيرًا؛ لأنَّ من لا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ (٣٧) كبيرًا، لا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ (٣٧) صَغِيرًا، كالحُرِّ. ولَنا، أنَّه سَرَقَ مالًا مملوكًا تبلُغُ قيمتُه نِصابًا، فوجَبَ القَطْعُ عليه، كسَائِرِ الحيواناتِ. وفارقَ الحُرَّ، فإنَّه (٣٨) ليس بمالٍ ولا مَمْلُوكٍ. وفارقَ الكبيرَ؛ لأنَّ الكبيرَ لا يُسْرَقُ، وإنَّما يُخْدَعُ بشيءٍ، إلَّا أن يكونَ في حالِ زوالِ عَقْلِه، بنَوْمٍ، أو جنونٍ، فتَصِحُّ سَرِقَتُه، ويُقْطَعُ سَارِقُه. فإن كان المسروقُ في حالِ نَوْمِه أو جُنونِه أُمَّ ولدٍ، ففى قَطْعِ سارِقِها وَجْهان؛ أحدهما، لا يُقْطَعُ؛ لأنَّها لا يَحِلُّ


(٣٦) سقط من: الأصل، ب.
(٣٧) في ب: "لسرقته".
(٣٨) في ب: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>