للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْرُجُ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أن النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ ذَرَعَهُ القَىْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَن اسْتَقَاءَ عَمْدًا (٤) فَلْيَقْضِ". قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. ورَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٥). وحَدِيثُهمْ غيرُ مَحْفُوظٍ، يَرْوِيهِ عبدُ الرحمنِ بن زَيْدِ بن أسْلَمَ، وهو ضَعِيفٌ فى الحَدِيثِ، قالَه التِّرْمِذِىُّ. والمَعْنَى الذى ذكرَ لهم يَبْطُلُ بالحَيْضِ والمَنِىِّ.

فصل: وقَلِيلُ القَىْءِ وكَثِيرُه سَوَاءٌ، فى ظَاهِرِ قَوْلِ الخِرَقِىِّ، وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن أحمدَ، والرِّوَايَةُ الثانيةُ؛ لا يُفْطِرُ إلَّا بمِلْءِ الفَمِ. لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال: "وَلكِنْ دَسْعَةٌ تَمْلَأُ الْفَمَ" (٦). ولأَنَّ اليَسِيرَ لا يَنْقُضُ الوُضوءَ، فلا يُفْطِرُ كالبَلْغَمِ. والثالثةُ، نِصْفُ الفَمِ، لأنَّه يَنْقُضُ الوُضُوءَ، فأفْطَرَ به كالكَثِيرِ. والأُولَى أَوْلَى لِظَاهِرِ الحَدِيثِ الذى رَوَيْنَاهُ، ولأنَّ سائِرَ المُفْطِرَاتِ لا فَرْقَ بين قَلِيلِها وكَثِيرِها، وحَدِيثُ الرِّوَايَةِ الثانيةِ لا نَعْرِفُ له أصْلًا. ولا فَرْقَ بين كَوْنِ القَىْءِ طَعَامًا، أو مُرَارًا (٧)، أو بَلْغَمًا، أو دَمًا، أو غيرَه؛ لأنَّ الجَمِيعَ دَاخِلٌ تحت عُمُومِ الحَدِيثِ والمَعْنَى، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّوابِ.

٤٩٢ - مسألة؛ قال: (وَمَن ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ أَفْطَرَ)

لا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ خِلَافًا فى أن من ارْتَدَّ عن الإِسْلامِ فى أَثْنَاءِ الصَّوْمِ، أنَّه


(٤) فى ب، م: "عامدا".
(٥) فى: باب الصائم يستقىء عامدا، من كتاب الصوم. سنن أبى داود ١/ ٥٥٥. والترمذى، فى: باب ما جاء فى من استقاء عمدا، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٤٤.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب ما جاء فى الصائم يقىء، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٣٦. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٤٩٨.
(٦) انظر: الفائق فى غريب الحديث ١/ ٤٢٣، النهاية فى غريب الحديث ٢/ ١١٧. نصب الراية ١/ ٤٤. وعزاه الزيلعى للبيهقى فى "الخلافيات" عن أبى هريرة.
(٧) المرار: شجر مر، واستعمل هنا لما يقيئه مرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>