للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولَى. ومذهبُ الشَّافِعِىّ في هذا كلِّه كنَحْوِ ما ذَكَرْناهُ.

فصل: وإن عَيَّنَ له الشِّرَاءَ بِنَقْدٍ أو حَالًّا، لم تَجُزْ مُخَالَفَتُه. وإن أَذِنَ له في النَّسِيئَةِ والبَيْعِ بأيِّ نَقْدٍ شاءَ، جَازَ. وإن أطْلَقَ، لم يَبِعْ إلَّا حَالًّا بِنَقْدِ البَلَدِ؛ لأنَّ الأَصْلَ في البَيْعِ الحُلُولُ، وإطْلَاقُ النَّقْدِ يَنْصَرِفُ إلى نَقْدِ البَلَدِ، ولهذا لو باعَ عَبْدَه بِعَشرَة دَرَاهِم وأَطْلَقَ، حُمِلَ على الحُلُولِ بِنَقْدِ البَلَدِ. وإن كان في البَلَدِ نَقْدَانِ، باعَ بأغْلَبِهِمَا، فإن تَسَاوَيا، باعَ بما شَاءَ منهما. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ وصاحِباهُ: له البَيْعُ نَسَاءً؛ لأنَّه مُعْتَادٌ فأَشْبَه الحالَّ. ويَتَخَرَّجُ لنا [مثلُ ذلك] (١٧) بنَاءً على الرِّوَايةِ في المُضَارِبِ، وقد ذَكَرْنَاهَا. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه لو أَطْلَقَ البَيْعَ حُمِلَ على الحُلُولِ، فكذلك إذا أَطْلَقَ الوَكَالَةَ فيه، ولا نُسَلِّمُ تَسَاوِى العادَةِ فيهما، فإنَّ بَيْعَ الحالِّ أَكْثَرُ، ويُفَارِقُ المُضَارَبَةَ لِوَجْهَيْنِ؛ أحدِهما، أنَّ المَقْصُودَ من المُضارَبةِ الرِّبْحُ، لا دَفْعُ الحاجَةِ بالثَّمَنِ في الحال، وقد يكونُ المَقْصُودُ في الوَكَالَةِ دَفْعَ حاجَةٍ ناجِزَةٍ تَفُوتُ بتَأْخِيرِ الثمَنِ. والثانى، أنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ في المُضارَبةِ على المُضَارِبِ، فيَعُودُ ضَرَرُ التَّأْخِيرِ في التَّقَاضِى عليه، وههُنا بِخِلَافِه، فلا يَرْضَى به المُوَكِّلُ، ولأنَّ الضَّرَرَ في تَوَى الثَّمَنِ (١٨) على المُضَارِبِ، لأنَّه يُحْسَبُ من الرِّبْحِ، لكَوْنِ الرِّبْحِ وِقَايةً لِرَأْسِ المالِ، وههُنا يَعُودُ على المُوَكِّلِ، فانْقَطَعَ الإِلْحاقُ.

فصل: إذا وَكَّلَهُ في بَيْعِ سِلْعَةٍ نَسِيئَةً، فباعَها نَقْدًا بدُونِ ثَمَنِها نَسِيئَةً، أو بدونِ ما عَيَّنَهُ له، لم ينْفَذْ بَيْعُه؛ لأنَّه مُخَالِفٌ لِمُوَكِّلِه، لأنَّه رَضِىَ بثَمَنِ النَّسِيئَةِ دُونَ النَّقْدِ. وإن باعَها نقْدًا بما تُسَاوِى نَسِيئَةً، أو عَيَّنَ له ثَمَنَها فبَاعَها به نَقْدًا، فقال القاضي: يَصِحُّ؛ لأنَّه زَادَهُ خَيْرًا، فكان مَأْذُونًا فيه عُرْفًا، فأَشْبَه ما لو وَكَّلَهُ في بَيْعِها بِعَشَرَةٍ فبَاعَها بأَكْثَرَ منها. ويَحْتَمِلُ أن يُنْظَر فيه، فإن لم يكُنْ له غَرَضٌ في النَّسِيئَةِ صَحَّ، وإن كان فيها


(١٧) في أ، ب: "مثله".
(١٨) توى الثمن: هلاكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>