للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالِ بمَنْزلةِ أُمِّه، وأمُّه مَمْلوكةٌ لسَيِّدِها. ويَحْتَملُ أن لا يجوزَ؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا، إذ لا يَحْتَمِلُ أنَّ يَعْجِزَ هو، وتُؤَدِّىَ المُكاتَبة، فيَعْتِقُ ولَدُها، فيَحْصُلُ الإِنْفاقُ عليه (٧) من مالِ سَيِّدِه، ويَصِيرُ حُرًّا.

١٣٩٢ - مسألة؛ قال: (وَعَلَى الْمُكاتَبِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ)

أمَّا ولَدُ المُكاتَبِ من أمَتِه، فنفَقَتُهم عليه؛ لأنَّ ولَدَه من أمَتِه تابِعٌ له، يَرِقُّ برِقِّه، ويَعْتِقُ بعِتْقِه، فجَرَى مَجْرَى نَفْسِه في النَّفقةِ، فكَما أنَّ المُكاتَبَ يُنْفِقُ على نَفْسِه، فكذلك على ولَدِه الذي هذا حالُه، ولأنَّ هذا الوَلَدَ ليس له مَنْ يُنْفِقُ عليه سِوَى أبِيه، فإنَّ أُمَّه أمَةٌ للمُكاتَبِ، وليس له من الأحْرارِ أقارِبُ، فيتَعَيَّنُ على المُكاتَبِ الإِنْفاقُ عليه، كأُمِّه، ولأنَّه لا ضَرَرَ على السَّيِّدِ في إنْفاقِ المُكاتَبِ على ولَدِه من أمَته؛ لأنَّه إن أدَّى وعَتَقَ، فقد وَفَّى مالَ الكِتابةِ، وليس للسَّيِّدِ أكثرُ منها، وإن عَجَزَ ورَقَّ، عادَ إليه المُكاتَبُ ووَلَدُه الذي أنْفَقَ عليه، فكأنَّه إنَّما أنْفَقَ على عَبْدِه، وتَصِيرُ نفَقَتُه عليه كنفَقَتِه على سائرِ رَقِيقِه.

فصل: وليس للمُكاتَبِ أنَّ يتَسَرَّى بأمَتِه إلَّا بإذْنِ سيدِه؛ لأنَّ مِلْكَه غيرُ تامٍّ، وعلي السَّيِّدِ ضَرَرٌ في تَسَرِّيهِ بها؛ لما فيه من التَّغْرِيرِ بها. وإن أذِنَ له سَيِّدُه في ذلك، جاز؛ لأنَّ المَنْعَ لِحَقِّه، فجاز بإذْنِه، كما لو أذِنَ لعَبْدِه القِنِّ. وإن وَطِئَ بغيرِ إذْنِه، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه وَطِئَ مَمْلُوكَتَه، فإن أوْلَدَها في المَوْضِعَيْنِ، صارت أُمَّ ولَدٍ له، ليس له بَيْعُها، ولا بَيْعُ ولَدِه، فإن عَتَقَ، عَتَقَ ولدُها، وصارت الأمَةُ أُمَّ ولَدٍ، تَعْتِقُ بمَوْتِه، وإن رَقَّ، رَقَّتْ هي ووَلَدُها، وصارت أمةً لسَيِّدِه، والمُكاتَبُ ووَلَدُه عَبْدانِ له. ويَلْزَمُ المُكاتَبَ الإِنفاقُ على عَبِيدِه، وإمائِه، وأُمَّهاتِ أوْلادِه؛ لأنَّهم (١) مِلْكٌ له، فلَزِمَه الإِنْفاقُ عليهم، كبَهائِمِه.


(٧) في أ، م: "عليها".
(١) في أ: "لأنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>