للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبإسْنادِه (٢١) عن أنَسٍ، أنَّه قال: نُهِينا، أو أُمِرْنا، أَنْ لا نَزِيدَ أهلَ الكتابِ علَى: "وعَلَيْكُمْ". قال أبو داوُدَ: قلتُ لأبى عبد اللَّهُ: تَكْرَهُ أَنْ يقولَ الرجلُ لِلذِّمِّىِّ: كيفَ أصْبَحْتَ؟ [أو كيف أنتَ] (٢٢) أو كَيْفَ حالُك؟ أو نحوَ هذا؟ قال: نعم أكْرَهُه (٢٣)، هذا عِنْدِى أكثَرُ من السَّلامِ. وقال أبو عبد اللَّه: إذا لَقِيتَه فى الطَّريقِ، فلا تُوسِعْ له. وذلك لما تقَدَّمَ فى (٢٤) حديثِ أبى هُرَيْرَةَ. ورُوِىَ عن ابن عمرَ، أنَّه مَرَّ على رجُلٍ، فسلَّمَ عليه، فقيل: إنَّه كافِرٌ. فقال: رُدَّ على ما سَلَّمْتُ عليك. فرَدَّ عليه فقال: أكثرَ اللَّهُ مالَكَ ووَلَدَك. ثم الْتَفَتَ إلى أصحابِه، فقال: "أكْثَرَ" للجِزْيَةِ. وقال يَعْقُوبُ بن بَخْتان: سألْتُ أبا عبد اللَّه، فقلتُ: نُعامِلُ اليهودَ والنَّصارَى، فنَأْتِيهم فى مَنازِلهم، وعندَهُم قومٌ مسلمون، أنُسَلِّمُ (٢٥) عليهم؟ قال: نعم، تَنْوِى السَّلامَ على المسلمين. وسُئِلَ عن مُصافَحَةِ أهلِ الذِّمَّةِ، فكَرِهَه.

فصل: وما يَذْكُرُهُ (٢٦) بعضُ أهلِ الذمِّةِ من أَنَّ الجِزْيَةَ لا تَلْزَمُهم، وأنَّ معهم كتابًا من النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسْقاطِها عنهم، لا يَصِحُّ. وسُئِلَ عن ذلك أبو العباس ابن سُرَيْجٍ، فقال: ما نَقَلَ ذلك أحدْ من المسلمين. وذَكَرَ أنَّهم طُولِبُوا بذلك، فأخْرَجُوا كتابًا ذَكَرُوا أنَّه بخَطِّ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، كَتَبَه عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان فيه شهادَةُ سَعْدِ بن مُعاذ، ومعاوِيَةَ، وتاريخُه بعد مَوْت سَعْدٍ وقَبْلَ إسلامِ مُعاوِيَةَ، فاسْتُدِلَّ بذلك على بُطْلانِه (٢٧). ولأنَّ قولَهم غيرُ مقبولٍ، ولم يَرْوِ ذلك مَنْ يُعْتَمَدُ على رِوايَتِه.

فصل: قال أبو الخَطَّابِ: يُمْتَهَنُون عند أَخْذِ الجِزْيَةِ، ويُطالُ قيامُهم، وتُجَرُّ أيْدِيهم عنَد أخْذِها. ذَهَبَ إلى قولِه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ


(٢١) سقطت الواو من: م. وأخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ١١٣.
كما أخرجه عبد الرزاق، فى: باب رد السلام على أهل الكتاب، من كتاب أهل الكتاب. المصنف ٦/ ١١.
(٢٢) جاء فى ب، م بعد قوله: "أو كيف حالك".
(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) فى م: "من".
(٢٥) فى م: "أسلم".
(٢٦) فى م: "يذكر".
(٢٧) انظر: ما جاء فى تلخيص الحبير ٤/ ١٢٤، ١٢٥. وانظر حادثة مماثلة مع الخطيب البغدادى ذكرها السبكى فى طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>