للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاغِرُونَ} (٢٨). وقيل: الصَّغارُ الْتزامُهم (٢٩) الجِزْيَةَ، وجَرَيانُ أحْكامِنا عليهم. ولا يُقْبَلُ منهم إرْسالُها، بل يَحْضُرُ الذِّمِّىُّ بِنَفْسِه بها، ويُؤَدِّيها وهو قائِمٌ والآخِذُ جالِسٌ، ولا يشْتَطُّ عليهم فى أَخْذِها، ولا يُعَذَّبُون إذا أعْسَرُوا عن أدائِها، فإنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أُتِىَ بمالٍ كثيرٍ، قال أبو عُبَيْدٍ: وأحْسَبُه من الجِزْيَةِ، فقال: إنِّى لأَظُنُّكُم قد أهْلَكْتُم الناسَ. قالُوا: لا واللَّه، ما أخَذْنا إلَّا عَفْوًا صَفْوًا. قال: بلا سَوْطٍ ولا نَوْطٍ (٣٠)؟ قالُوا: نعم. قال: الحمدُ للَّهِ الذى يجْعَلْ ذلك على يَدِى، ولا فى سُلْطانِى. وقَدِمَ عليه سعيدُ بن عامرِ بن حِذْيَم، فَعَلاه عمرُ بالدِّرَّةِ، فقال سعيد: سَبَقَ سَيْلُكَ مَطَرَك، إنْ تُعاقِبْ نَصْبِرْ، وإِنْ تَعْفُ نَشْكُرْ، وإِنْ تَسْتَعْتِبْ نُعْتِبْ. فقال: ما على المسلِم إلَّا هذا، مالَكَ تُبْطِئُ بالْخَرِاجِ؟ فقال: أمَرْتَنا أَنْ لا نَزِيدَ الفلَّاحين على أربعةِ دنانيرَ، فلسْنا نَزِيدُهم على ذلك، ولكنَّا (٣١) نُؤخِّرُهم [إلى غَلَّاتِهم] (٣٢). قال عمر: لا أعْزِلَنَّكَ ما حَيِيتُ. روَاهما أبو عُبَيْدٍ (٣٣). وقال: إنما وَجْهُ التأخِيرِ إلى الغَلَّةِ الرِّفْقُ بهم. قال: ولم نَسْمَعْ فى اسْتِيداءِ الخراجِ والجِزْيَةِ وَقْتًا غيرَ هذا. واسْتَعْملَ علىُّ بن أبى طالبٍ رجُلًا على عُكْبَرَى (٣٤)، فقال له على رُءُوس الناسِ: لا تَدَعَنَّ لهم درهمًا من الْخَراجِ. وشَدَّدَ عليه القَوْلَ، ثم قال: الْقَنِى عندَ انْتِصافِ النَّهارِ. فأتَاه فقال: إنِّى كنتُ (٣٥) أمَرْتُكَ بأمْرٍ، وإنِّى أتقَدَّمُ إليك الآن، فإنْ عَصَيْتَنِى نَزَعْتُك، لا تَبِيعَنَ لهم فى خَراجِهم حِمارًا، ولا بقرةً، ولا كِسْوَةَ شتاءٍ ولا صَيْفٍ، وارْفُقْ بِهم، وافْعَلْ بهم (٣٦).


(٢٨) سورة التوبة ٢٩.
(٢٩) فى أ، ب: "التزام".
(٣٠) فى النسخ: "بوط". والنوط: التعليق.
(٣١) فى م: "ولكن".
(٣٢) سقط من: أ، ب.
(٣٣) فى: باب اجتباء الجزية والخراج، . . .، من كتاب سنن الفىء والخمس والصدقة، . . . الأموال ٤٣، ٤٤.
(٣٤) عكبرى: بليدة من نواحى دجيل، قرب صريفين وأوانا، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ. معجم البلدان ٣/ ٧٠٥.
(٣٥) سقط من: ب.
(٣٦) أخرجه البيهقى بمعناه، فى: باب النهى عن التشديد فى جباية الجزية، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢٠٥. وأبو عبيد، فى الباب السابق. الأموال ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>