للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليَأْكُلَنَّ هذا الطعامَ، فى هذا الوَقْتِ، فشَرَعَ فى أكْلِه فيه، وتأخَّرَ الفَراغُ لكَثْرَتِه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ أكْلَه كُلَّه غيرُ مُمْكِنٍ فى هذا الوَقْتِ اليَسِيرِ، فكانَتْ يَمِينُه على الشُّروعِ فيه فى ذلك الوَقْتِ (٢٤)، أو على مُقارَنَةِ فِعْلِه لذلك الوَقْتِ، للعِلْمِ (٢٥) بالعَجْزِ عن غيرِ ذلك. ومذهبُ الشافِعِىّ فى هذا كُلِّه كما ذَكَرْنا.

١٨٤٠ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مَاءَ هذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ، حَنِثَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لا يَشْرَبَهُ كُلَّهُ)

وجملةُ ذلك أنَّه إذا حَلَفَ ليَفْعَلَنّ شَيْئًا، لم يَبَرَّ إِلَّا بفِعْلِ جَمِيعِه، وإِنْ حَلَفَ أَنْ لا يَفْعَلَه، وأطْلَقَ، ففعل بعضَه، ففيه رِوايتان، تَقَدَّمَ ذِكْرُهما. وإِنْ نَوَى فِعْلَ جَمِيعِه، أو كان فى يَمِينِه ما يَدُلُّ عليه، لم يَحْنَثْ إِلَّا بفِعْلِ جَمِيعِه. وإِنْ نَوَى فِعْلَ البَعْضِ، أو كان فى يَمِينِه ما يَدُلُّ عليه، حَنِثَ بفِعْلِ البَعْضِ، روايةً واحدةً. فإذا (١) حَلَفَ أَنْ (٢) لا يَشْرَبَ ماءَ هذا الإِناءِ، فشَرِبَ بَعْضَه، فهل يَحْنَثُ بذلك؟ فيه رِوايَتان. وإِنْ حَلَفَ: لا شَرِبْتُ (٣) ماءَ دِجْلَةَ، أو ماءَ هذا النَّهْرِ. حَنِثَ بشُرْبِ أدْنَى شَىءٍ منه؛ لأنَّ شُرْبَ جَمِيعِه مُمْتَنِعٌ بغيرِ يَمِينِه، فلا حاجَةَ إلى تَوْكيدِ المنْعِ بيَمِينِه، فتُصْرَفُ يَمِينُه إلى مَنْعِ نَفْسِه ممَّا يُمْكِنُ فِعْلُه، وهو شُرْبُ البعضِ، كما لو حَلَفَ: لا شَرِبْتُ الماءَ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال أصْحابُ الشافِعِىِّ: إِنْ حَلَفَ على الجِنْسِ، كالناسِ والماءِ والخُبْزِ والتَّمْرِ ونَحْوِه، حَنِثَ بفعلِ البعضِ، وإِنْ تَناوَلَتْ يَمِينُه الجَمْعَ (٤)، كالمسلمين والمُشْركِين والمساكين، لم يَحْنَث بفعلِ البعضِ، وإِنْ تَناوَلَت اسْمَ جِنْسٍ مُضافٍ (٥)، كماءِ النَّهْرِ، وماءِ دِجْلَةَ، ففيه


(٢٤) سقط من: الأصل، أ.
(٢٥) فى ب: "المعلم".
(١) فى ب، م: "فإن".
(٢) سقط من: م.
(٣) فى م: "يشرب".
(٤) فى م: "الجميع".
(٥) فى ب، م: "يضاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>