للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشَّاهِين، ونحوِها، والحَشَرَاتِ المُؤْذِيَةِ، والزُّنْبُورِ، والبَقِّ، والبَعُوضِ، والبَرَاغِيث، والذُّبَابِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أصْحَابُ الرَّأْى: يَقْتُلُ ما جَاءَ فى الخَبَرِ، والذِّئْبَ، قِيَاسًا عليه. ولَنا، أنَّ الخَبَرَ نَصَّ مِن كُلِّ جِنْسٍ على صُورَةٍ من أدْنَاه، تَنْبِيهًا على ما هو أعْلَى منها، ودَلَالَةً علَى ما كان فى مَعْنَاها، فنَصُّه على الحِدَأَةِ والغُرَابِ تَنْبِيهٌ على البَازِىِّ ونحوِه، وعلى الفَأْرَةِ تَنْبِيهٌ على الحَشَرَاتِ، وعلى العقْرَبِ تَنْبِيهٌ على الحَيَّةِ، وعلى الكَلْبِ العَقُورِ تَنْبِيهٌ على السِّبَاعِ التى هى أعْلَى منه، ولأنَّ ما لا يُضْمَنُ بِمِثْلِه، ولا بِقِيمَتِه، لا يُضْمَنُ، كالحَشَرَاتِ.

فصل: وما لا يُؤْذِى بِطَبْعِه، ولا يُؤْكَلُ كالرَّخَمِ، والدِّيدَانِ، فلا أثَرَ لِلْإِحْرَامِ فيه، ولا جَزَاءَ فيه إن قَتَلَه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: يَحْرُمُ قَتْلُها، وإن قَتَلَها فَدَاهَا، وكذلك كلُّ سَبُعٍ لا يَعْدُو على النّاسِ. وإذا وَطِئَ الذُّبَابَ والنَّمْلَ أو الذَّرَّ، أو قَتَلَ (٦) الزُّنْبُورَ، تَصَدَّقَ بِشىءٍ من الطَّعَامِ. ولَنا، أنَّ اللَّه تعالى إنَّما أوْجَبَ الجَزاءَ فى الصَّيْدِ، وليس هذا بصَيْدٍ. قال بعضُ أهْلِ اللُّغَةِ: الصَّيْدُ ما جَمَعَ ثلاثةَ أشْياء، فيكونُ مُبَاحًا وَحْشِيًّا مُمْتَنِعًا. ولأنَّه لا مِثْلَ له ولا قِيمَةَ، والضَّمَانُ إنَّما يكونُ بأحَدِ هذين الشَّيْئَيْنِ. ورُوِىَ عن عمرَ، أنَّه قَرَّدَ بَعِيرَهُ بالسُّقْيَا (٧) وهو مُحْرِمٌ. ومَعْنَاهُ أنَّه نَزَعَ القُرَادَ (٨) عنه، ورَمَاهُ. وهذا قولُ جابِرِ بن زيدٍ، وعَطاءٍ. ورُوِىَ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ قال لِعِكْرِمَةَ وهو مُحْرِمٌ: قَرِّدِ البَعِيرَ. فَكَرِهَ ذلك. فقال: قُمْ فانْحَرْهُ. فنَحَرَهُ. فقال له ابنُ عَبَّاسٍ: لا أُمَّ لك، كم قَتَلْتَ فيها من قُرَادٍ وحَلَمَةٍ (٩) وحَمْنَانَة (١٠)؟ يعنى كِبَارَ القُرَادِ. رَوَاهُ كلَّه سَعِيدٌ.


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) السقيا: قرية جامعة من عمل الفرع، بينهما مما يلى الجحفة تسعة عشر ميلا. معجم البلدان ٣/ ١٠٣.
(٨) القراد: دويبة متطفلة، تعيش على الدواب والطيور، وتمتص دمها.
(٩) الحلم: القراد الضخم.
(١٠) الحمنان: صغار القراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>