للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَراهُ في ذِمَّتِه، ثم نَقَدَ الأَثْمانَ، فقال أبو الخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أن يكونَ الرِّبْحُ للغاصِبِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشّافِعِىِّ في أحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لأنَّه اشْتَرَى لِنَفْسِه في ذِمَّتِه، فكان الشِّرَاءُ له، والرِّبْحُ له، وعليه بَدَلُ المَغْصُوبِ. وهذا قِيَاسُ قولِ الخِرَقِىِّ. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ الِّربْحُ للمَغْصُوبِ منه؛ لأنَّه نَمَاءُ مِلْكِه، فكان له (٢٤). كما لو اشْتَرَى له بِعَيْنِ المالِ. وهذا (٢٥) ظَاهِرُ المَذْهَبِ. وإن حَصَلَ خُسْرانٌ، فهو على الغاصِبِ؛ لأنَّه نَقْصٌ حَصَلَ في المَغْصُوبِ (٢٦). وإن دَفَعَ المالَ إلى من يُضَارِبُ به، فالحُكْمُ في الرِّبْحِ على ما ذَكَرْناهُ. وليس على المالِكِ من أَجْرِ العامِلِ شيءٌ؛ لأنَّه لم يَأْذَنْ له في العَمَلِ في مالِه، وأمَّا الغاصِبُ، فإن كان المُضَارِبُ عَالِمًا بالغَصْبِ، فلا أَجْرَ له؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بالعَمَلِ، ولم يَغُرَّهُ أحَدٌ، وإن لم يَعْلَمْ بالغَصْبِ، فعلى الغاصِبِ أَجْرُ مثلِه؛ لأنَّه اسْتَعْمَلَه عَمَلًا بِعِوَضٍ لم يَحْصُلْ له، فلَزِمَهُ أَجْرُهُ، كالعَقْدِ الفاسِدِ.

٨٦٧ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا، وَلَم يَقْدِرْ عَلَى رَدِّه، لَزِمَتِ الْغَاصِبَ الْقِيمَةُ، فَإنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، رَدَّهُ وأخَذَ الْقِيمَةَ)

وجملتُه أنَّ من غَصَبَ شيئا فَعَجَزَ (١) عن رَدِّه، كعَبْدٍ أَبَقَ، أو دَابَّة شَرَدَتْ، فلِلْمَغْصُوبِ منه المُطَالَبَةُ بِبَدَلِه، فإذا أخَذَهُ مَلَكَهُ، ولم يَمْلِكِ الغاصِبُ العَيْنَ المَغْصُوبةَ، بل متى قَدَرَ عليها لَزِمَهُ رَدُّها، ويَسْتَرِدُّ قِيمَتَها التي أَدَّاهَا. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ: يُخَيَّرُ المالِكُ بين الصَّبْرِ إلى إمْكانِ رَدِّها فيَسْتَرِدُّها، وبين تَضْمِينِه إيَّاها فيَزُولُ مِلْكُه عنها، وتَصِيرُ مِلْكًا للغاصِبِ، لا يَلْزَمُه رَدُّها، إلَّا أن يكونَ دَفَعَ دُونَ قِيمَتِها بقَوْلِه مع يَمِينِه؛ لأنَّ المالِكَ مَلَكَ البَدَلَ، فلا يَبْقَى


(٢٤) سقط من: الأصل.
(٢٥) في م زيادة: "هو".
(٢٦) في ب: "يد الغاصب".
(١) في ب، م: "يعجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>