للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِتْقَ، ولم يَتَسَبَّبْ (١٨) إليه، وإنَّما كان السَّبَبُ (١٩) مِن أبِيه، وهذا حَاكٍ عن أبِيه، مُقِرٌّ بفِعْلِه، فهو كالشاهِدِ، ولأنَّ المُقِرَّ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ أخِيه حُرٌّ أيضًا؛ لأَنَّه قد قَبَضَ مِن العبدِ مثلَ ما قَبَضَ، فقد حَصَلَ أدَاءُ مالِ الكِتابةِ إليهما جميعا، فعَتَقَ كلُّه بذلك، ووَلاءُ هذا النِّصْفِ للمُقِرِّ؛ لأنَّ أخاهُ لا يَدَّعِيه، وهذا المُقِرُّ يَدَّعِى أنَّه كلُّه قد عَتَقَ بالكِتابةِ، وهذا الوَلاءُ الذى على هذا النِّصْفِ نَصِيبِى مِن الوَلَاءِ. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: فى ذلك وَجْهان؛ أحدهما، كقَوْلِنا. والثانى (٢٠)، الوَلَاءُ بين الاثْنَيْنِ؛ لأَنَّه يَثْبُتُ لمَوْرُوثِهما، فكان لهما بالمِيراثِ. والصَّحيحُ ما قُلْناه، لما ذكَرْناه، ولا يَمْتَنِعُ (٢١) ثُبُوتُ الولاءِ للأبِ، واخْتِصاصُ أحَدِ الابْنَينِ به، كما لو ادَّعَى أحَدُهما دَيْنًا لأبيه على إنسانٍ، وأنْكَرَهَ الآخَرُ، فإنَّ المُدَّعِىَ يَأْخُذُ نَصِيبَه من الدَّيْنِ، ويَخْتَصُّ به دونَ أخِيه، وإن كان يَرِثُه عن الأبِ، وكذلك لو ادَّعَياه مَعًا، وأقاما به شاهِدًا واحدًا، فحلَفَ أحَدُهما مع الشاهِدِ، وأبَى الآخَرُ. فإن أعْتَقَ أحَدُهما حِصَتّهَ، عَتَقَ، وسَرَى إلى باقِيه، إن كان مُوسِرًا. هذا قولُ الْخِرَقِىِّ؛ لقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَا يبْلُغُ قِيمَةَ العَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَة العَدْلِ، وأُعْطِىَ شُرَكاؤُهُ حِصَصَهُمْ" (٢٢). ولأنَّه مُوسِرٌ أعْتَقَ نَصِيبَه من عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، فسَرَى إلى باقِيه، كغيرِ المُكاتَبِ. وقال أبو بكرٍ، والقاضى: لا تُعْتَقُ إِلَّا حِصَّتُه؛ لأَنَّه إِنْ كان المُعْتِقُ المُقِرَّ، فهو مُنَفِّذٌ، وإن كان المُنْكِرَ، لم يَسْرِ (٢٣) إلى نَصِيبِ المُقِرِّ؛ لأَنَّه مُكاتَبٌ لغيرِه، وفى سِرَاية العِتْقِ إليه إبْطالُ سَبَبِ الوَلاءِ عليه، فلم يَجُزْ ذلك.

١٩٨٥ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُمْنَعُ الْمُكَاتَبُ مِنَ السَّفَرِ)

وجملتُه أَنَّ المُكاتَبَ لا يُمْنَعُ من السَّفَرِ، قريبًا كان أو بعيدًا. وهذا (١) قولُ الشَّعْبِىِّ،


(١٨) فى الأصل: "ينسب".
(١٩) فى الأصل: "النسب".
(٢٠) بعد هذا فى الأصل، أ: "أن".
(٢١) فى ب، م: "يمنع".
(٢٢) تقدم تخريجه، فى: ٧/ ٣٦٢.
(٢٣) فى ب، م: "يصر".
(١) فى الأصل: "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>