للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَ مَن هو فى يَدِه، من المُرْتَهِنِ أو العَدْلِ، دَفْعُه إليه، إذا أمْكَنَه، فإن لم يَفْعَلْ، صَارَ ضَامِنًا، كالمُودَعِ إذا امْتَنَعَ مِن رَدِّ الوَدِيعَةِ عندَ طَلَبِها. وإن كان امْتِنَاعُه لِعُذْرٍ، مثل أن يكونَ بينَه وبينَه طَرِيقٌ مُخِيفٌ، أو بَابٌ مُغْلَقٌ لا يمكنُه فَتْحُه، أو كان يَخَافُ فَوْتَ جُمُعَةٍ أو جَمَاعَةٍ، أو فَوْتَ (٥) صَلَاةٍ، أو به مَرَضٌ، أو جُوعٌ شَدِيدٌ، وما أشْبَهَهُ، فأخَّرَ التَّسْلِيمَ لذلك، فَتَلِفَ، فلا ضَمَانَ عليه؛ لأنَّه لا تَفْرِيطَ منه، فأشْبَه المُودعَ.

فصل: وإذا قَبَضَ المُرْتَهِنُ الرَّهْنَ، فوَجَدَه مُسْتَحَقًّا، لَزِمَهُ رَدُّه على مَالِكِه، والرَّهْنُ بَاطِلٌ من أصْلِه. فإن أمْسَكَه، مع عِلْمِه بالغَصْبِ، حتى تَلِفَ فى يَدِه، اسْتَقَرَّ عليه الضَّمَانُ، ولِلْمالِكِ تَضْمِينُ أيهما شَاءَ، فإن ضَمَّنَ المُرْتَهِنَ، لم يَرْجِعْ على أحدٍ لذلك، وإن ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، رَجَعَ عليه. وإن لم يَعْلَمْ بالغَصْبِ حتى تَلِفَ بِتَفْرِيطِه، فالحُكْمُ كذلك؛ لأنَّ الضَّمَانَ مُسْتَقِرٌّ (٦) عليه، وإن تَلِفَ بغير تَفْرِيطِه، ففيه ثَلَاثَةُ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، يَضْمَنُ، ويَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عليه (٧)؛ لأنَّ مالَ غيره تَلِفَ تَحْتَ يَدِه العَادِيَةِ، فاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عليه، كما لو عَلِمَ. والثانى، لا ضَمَانَ عليه؛ لأنَّه قَبَضَهُ على أنَّه أمَانَةٌ من غير عِلْمِهِ، فلم يَضْمَنْه، كالوَدِيعَةِ. فعلى هذا يَرْجِعُ المالِكُ على الغَاصِبِ لا غيرُ. والوجهُ الثالث، أنَّ لِلْمَالِكِ تَضْمِينَ أيِّهما شَاءَ، ويَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ على الغَاصِبِ، فإن ضَمَّنَ الغَاصِبَ لم يَرْجِعْ على أحَدٍ، وإن ضَمَّنَ المُرْتَهِنَ رَجَعَ على الغَاصِبِ؛ لأنه غَرَّهُ، فرَجَعَ عليه، كالمَغْرُورِ بِحُرِّيَةِ أمَةٍ.

٧٩٨ - مسألة؛ قال: (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى الْقِيمَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإنِ اخْتَلَفَا فِى قَدْرِ الْحَقِّ، فالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا قَالَ بَيِّنَةٌ)

يعنى: إذا اخْتَلَفَا فى قِيمَةِ الرَّهْنِ، إذا تَلِفَ فى الحالِ التى يَلْزَمُ المُرْتَهِنَ ضَمَانُه،


(٥) فى الأصل، أ: "وقت".
(٦) فى أ، م: "يستقر".
(٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>