للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن (٨) الحُكْمِ انْتِظَارًا لِلْبَيِّنَةِ، ولهذا لو ثبَتَتْ عَدالَتُهما بعدَ ذلك حُكِمَ بها، وإن لم يَعْرِفْ أحَدُهما عَدالَةَ صَاحِبِه، لم يَجُزْ له الفِطْرُ، إلَّا أن يَحْكُمَ بذلك الحاكِمُ، لئَلَّا يُفْطِرَ بِرُؤْيَتِه وَحْدَه.

٥١٧ - مسألة؛ قال: (وَإذَا اشْتَبَهَتِ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ، فَإنْ صَامَ شَهْرًا يُرِيدُ به شَهْرَ رَمَضَانَ، فوَافَقَه، أو مَا بَعْدَهُ، أجْزَأَهُ، وإن وَافَقَ ما قَبْلَهُ، لَمْ يُجْزِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّ مَن كان مَحْبُوسًا أو مَطْمُورًا، أو في بعض النَّواحِى النَّائِيَةِ عن الأمْصارِ لا يُمْكِنُه تَعَرُّفُ الأشْهُرِ بالخَبَرِ، فاشْتَبَهَتْ عليه الأشْهُرُ، فإنَّه يَتَحَرَّى ويَجْتَهِدُ، فإذا غَلَبَ على ظَنِّه عن أمَارَةٍ تَقُومُ في نَفْسِه دُخُولُ شَهْرِ رمضانَ صَامَه، ولا يَخْلُو من أرْبَعَةِ أحْوالٍ: أحدُهما، أنْ لا يَنْكَشِفَ له الحالُ، فإنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ، ويُجْزِئُه؛ لأنَّه أدَّى فَرْضَهُ باجْتِهَادِه. فأجْزَأَهُ، كما لو صَلَّى في يَوْمِ الغَيْمِ بالاجْتِهادِ. الثاني، أنْ يَنْكَشِفَ له أنَّه وَافَقَ الشَّهْرَ أو ما بعدَه، فإنَّه يُجْزِئُه في قَوْلِ عَامَّةِ الفُقَهَاءِ. وحُكِيَ عن الحسنِ بن صالِحٍ، أَنَّه لا يُجْزِئُه في هاتَيْنِ الحالَتَيْنِ؛ لأنَّه صامَهُ على الشَّكِّ، فلم يُجْزِئْهُ، كما لو صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فبانَ من رمضانَ. وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّه أدَّى فَرْضَه بالاجتِهادِ في مَحَلِّهِ، فإذا أصابَ أو لم يَعْلَم الحالَ أجْزَأَهُ، كالقِبْلَةِ إذا اشْتَبَهَتْ، أو الصلاةِ في يَوْمِ الغَيْمِ إذا اشْتَبَهَ وَقْتُها، وفارقَ يَوْمَ الشَّكِّ، فإنَّه ليس بمَحَلٍّ للاجْتِهادِ (٩)، فإنَّ الشَّرْعَ أمَرَ بِصَوْمِه (١٠) عندَ أمَارَةٍ عَيَّنَهَا، فما لم تُوجَدْ لم يَجُزِ الصومُ. الحالُ الثالث، وَافَقَ قبلَ الشَّهْرِ، فلا يُجْزِئُه، في قَوْلِ عَامَّةِ الفُقَهاءِ. وقال بعضُ الشَّافِعِيَّةِ: يُجْزِئُه في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (١١)، كما لو


(٨) في ب: "عند".
(٩) في ب، م: "الاجتهاد".
(١٠) في ب، م: "بالصوم".
(١١) في الأصل، أ: "القولين".

<<  <  ج: ص:  >  >>