للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يَسْلُبْهُ أحَدٌ، فلا شىءَ عليه، سِوَى الاسْتِغْفَارِ والتَّوْبَةِ.

فصل: ويُفَارِقُ حَرَمُ المَدِينَةِ حَرَمَ مَكَّةَ فى شَيْئَيْنِ: أحدُهما، أنَّه يجوزُ أن يُؤْخَذَ من شَجَرِ حَرَمِ المَدِينَةِ ما تَدْعُو الحاجَةُ إليه، لِلْمَسَانِدِ والوَسَائِدِ وَالرَّحْلِ، ومن حَشِيشِها ما تَدْعُو الحَاجَةُ إليه لِلْعَلْفِ؛ لما رَوَى الإِمامُ أحمدُ (٣١)، عن جابِرِ بن عبدِ اللَّه، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمَّا حَرَّمَ المَدِينَةَ، قالوا: يا رسولَ اللَّه، إنَّا أصْحابُ عَمَلٍ، وأصْحَابُ نَضْحٍ (٣٢)، وإنَّا لا نَسْتَطِيعُ أرْضًا غيرَ أَرْضِنَا، فَرَخِّصْ لنا، فقال: "القَائِمَتَانِ، والوِسادَةُ، والعَارِضَةُ، والمَسَدُّ (٣٣)، فأمَّا غَيْرُ ذلِكَ فَلَا يُعْضَدُ، ولَا يُخْبَطُ مِنْهَا شَىْءٌ". قال إسماعيلُ بن أبي أُوَيْسٍ، قال خَارِجَةُ: المَسَدُّ (٣٣) مِزْوَدُ البَكَرَةِ. فَاسْتَثْنَى ذلك، وجَعَلَهُ مُبَاحًا، كاسْتِثْنَائِه (٣٤) الإِذْخِرَ بمَكَّةَ. وعن عليٍّ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "المَدِينَةُ حَرَامٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ (٣٥) إلى ثَوْرٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يَصْلُحُ أنْ يُقْطَعَ مِنْهَا شَجَرَةٌ، إلَّا أنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ". وعن جابرٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ حِمَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولَكِنْ يُهَشُّ هَشًّا رَفِيقًا". رَوَاهُمَا أبو دَاوُدَ (٣٦). ولأنَّ المَدِينَةَ يَقرُبُ منها شَجَرٌ وزَرْعٌ، فلو مَنَعْنَا مِن احْتِشَاشِها، مع الحَاجَةِ، أفْضَى إلى الضَّرَرِ، بِخِلَافِ مَكَّةَ. الثانى، أنَّ مَن صَادَ صَيْدًا خَارِجَ المَدِينَةِ، ثمَّ أَدْخَلَهُ إليها، لم يَلْزَمْهُ إرْسَالُه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقول: "يَا أَبَا


(٣١) لم نجده فى المسند.
(٣٢) النضح: حمل الماء من نهر أو بئر لسقى الزرع.
(٣٣) فى ب، م: "والمسند".
(٣٤) فى ب، م: "كاستثناء".
(٣٥) عائر: جبل بالمدينة. وتقدم بلفظ: "عير" فى صفحة ١٩١.
(٣٦) الأوَّل تقدَّم تخريجه، فى صفحة ١٩٠. والثاني أخرجه أبو داود، فى الباب نفسه. سنن أبي داود ١/ ٤٧٠. كما أخرجه البيهقى، فى: باب كراهية قطع الشجر. . .، من كتاب الحجّ. السنن الكبرى ٥/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>