للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنْفِه جُذَامٌ، أخِذَ به الأنْفُ الصَّحِيحُ، ما لم يَسْقُطْ منه شيءٌ؛ لأنَّ ذلك مَرَضٌ، فإن سَقَطَ منه شيءٌ، لم يَقْطَعْ به الصَّحِيحَ، إلَّا أن يكونَ من أحدِ جانِبَيْه. فَيأْخُذَ من الصحيحِ مثلَ ما بَقِىَ منه، أو يَأْخُذَ أرْشَ ذلك. والذي يَجِبُ فيه القِصاصُ أو الدِّيةُ هو المارِنُ، وهو مالَانَ منه، دُونَ قَصَبةِ الأنْفِ؛ لأنَّ ذلك حَدٌّ يَنْتَهِى إليه، فهو كاليَدِ، يَجِبُ القِصاصُ فيما انْتَهَى إلى الكُوعِ. وإن قَطَعَ الأنْفَ كلَّه مع القَصَبةِ، فعليه القِصاصُ في المارِنِ، وحُكومةٌ للقَصَبةِ. هذا قولُ ابن حامدٍ، ومذهبُ الشافعىِّ. وفيه وجهٌ آخرُ، أنَّه لا يَجِبُ مع القِصاصِ حكومةٌ؛ كَيْلا يَجْتَمِعَ (٢) في عُضْوٍ واحدٍ (٣) قِصاصٌ ودِيَةٌ. وقياسُ قولِ أبى بكرٍ، أنَّه لا يجبُ القِصاصُ ههُنا؛ لأنَّه يَضَعُ الحَدِيدَةَ في غير الموضعِ الذي وَضَعَها الجانِى فيه، فلم يَمْلِكْ ذلك، كقولِه في مَن قَطَعَ اليَدَ من نِصْفِ الذراعِ أو الكَفِّ. وذكر القاضي ههُنا كقولِ أبى بكرٍ، وفى نظائِرِه مثلَ قولِ ابنِ حامدٍ، ولا يَصِحُّ التَّفْريقُ مع التَّساوِى. وإن قَطَعَ بعضَ الأنْفِ، قُدِّرَ بالأجْزاءِ، وأُخِذَ منه بقَدْرِ ذلك، كقَوْلنا في الأُذُنِ، ولا يُؤْخَذُ بالمساحةِ، لئلَّا يُفْضِىَ إلى قَطْعِ جَمِيعِ أنْفِ الجانِى لصِغَرِه ببعضِ أنْفِ المَجْنِىّ عليه لكِبَرِه، ويُؤْخَذُ المَنْخِرُ الأيْمَنُ بالأيْمَنِ، والأيْسَرُ بالأيْسَرِ، ولا يُؤْخَذُ أيْمَنُ بأيْسَرَ، ولا أيْسَرُ بأيْمَنَ، ويُؤْخَذُ الحاجِزُ بالحاجزِ؛ لأنَّه يُمْكِنُ القِصاصُ فيه، لِانْتهائِه إلى حَدٍّ.

١٤٤٦ - مسألة؛ قال: (والذَّكَرُ بِالذَّكَرِ)

لا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خلافًا في أن القِصاصَ يَجْرِى في الذَّكَرِ؛ لقولِه تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (١). ولأنَّ له حَدًّا يَنْتَهِى إليه، ويُمْكِنُ القِصاصُ فيه من غيرِ حَيْفٍ، فوَجَبَ فيه القِصاصُ، كالأَنْفِ. ويَسْتَوِى في ذلك ذَكَرُ الصغِيرِ والكبيرِ،


(٢) في الأصل، ب: "يجمع".
(٣) في ب زيادة: "بين".
(١) سورة المائدة ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>