للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المَنَاسِكِ"، عن عائشةَ، أنَّها قالتْ: تَلْبَسُ المُحْرِمَةُ ما تَلْبَسُ وهى حَلَالٌ، من خَزِّهَا وقَزِّهَا وحَلْيِهَا. وقد ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابن عمرَ، أنَّه سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِنْ مُعَصْفَرٍ، أو خَزٍّ، أو حَلْي" (٧). قال ابنُ المُنْذِرِ: لا يجوزُ المَنْعُ منه بغيرِ حُجَّةٍ. ويُحْمَلُ كلامُ أحمدَ والخِرَقِىِّ فى المَنْعِ على الكَرَاهَةِ؛ لما فيه من الزِّينَةِ، وشِبْهِهِ بالكُحْلِ بالإِثْمِدِ، ولا فِدْيَةَ فيه، كما لا فِدْيَةَ فى الكُحْلِ. وأمَّا لُبْسُ القُفَّازَيْنِ، ففيه الفِدْيَةُ؛ لأنَّها لَبِسَتْ ما نُهِيَتْ عن لُبْسِه فى الإحْرَامِ، فَلَزِمَتْها الفِدْيَةُ، كالنِّقابِ.

فصل: قال القاضى: يَحْرُمُ عليها شَدُّ يَدَيْهَا بِخِرْقَةٍ؛ لأنَّه سَتْرٌ لِبَدَنِها بما يَخْتَصُّ بها، أشْبَهَ القُفَّازَيْنِ، وكما لو شَدَّ الرَّجُلُ على جَسَدِه شيئًا. وإن لَفَّتْ يَدَيْها مِن غيرِ شَدٍّ، فلا فِدْيَةَ؛ لأنَّ المُحَرَّمَ هو (٨) اللُّبْسُ، لا تَغْطِيَتُهما، كبَدَنِ الرجلِ.

٥٩٤ - مسألة؛ قال: (وَلَا تَرْفَعُ المَرْأَةُ صَوْتَها بِالتَّلْبِيَةِ، إلَّا بِمِقْدارِ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا)

قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ العُلَمَاءُ على أنَّ السُّنَّةَ فى المَرْأةِ أنْ لا تَرْفَعَ صَوْتَها، وإنَّما عليها أن تُسْمِعَ نَفْسَهَا. وبهذا قال عَطاءٌ، ومالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن سليمانَ بن يَسَارٍ أنَّه (١) قال: السُّنَّةُ عِنْدَهُم أنَّ المَرْأةَ لا تَرْفَعُ صَوْتَها بالإهْلَالِ. وإنَّما كُرِهَ لها رَفْعُ الصَّوْتِ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ بها، ولهذا لا يُسَنُّ لها أذَانٌ ولا إقَامَةٌ، والمَسْنُونُ لها فى التَّنْبِيهِ فى الصلاةِ التَّصْفِيقُ دُونَ التَّسْبِيحِ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأةِ أن تَخْتَضِبَ بِالحِنَّاءِ عند الإِحْرامِ؛ لما رُوِىَ عن ابنِ


(٧) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٥٤.
(٨) سقط من: الأصل.
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>