للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أعْتَقَ عبدًا عن كَفّارَتِه أو نَذْرِه أو من زَكاتِه، فقال أحمدُ فى الذى يَعْتِقُ من زَكاتِه: إن وَرِثَ منه شيئًا جَعَلَه فى مِثْله. قال: وهذا قولُ الحسنِ. وبه قال إسحاقُ. وعلى قياس ذلك العِتْقُ من الكَفارةِ والنَّذْرِ؛ لأنَّه واجبٌ عليه. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال فى الذى يَعْتِقُ فى الزَّكاةِ: وَلَاؤُه للذى جَرَى عِتْقُه على يَدَيْه. وقال مالكٌ، والعَنْبَرِىُّ: ولاؤه لسائرِ المسلمينَ، ويُجْعَلُ فى بيت المالِ. وقال أبو عُبَيْدٍ: ولاؤُه لصاحبِ الصَّدَقةِ. وهو قولُ الجمهورِ فى العِتْقِ فى النَّذْرِ والكَفَّارةِ؛ لقَوْلَ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الولاءُ لمن أعْتَقَ". ولأنَّ عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ بشَرْطِ العِتْقِ، فأعْتَقَتْها، فكان ولاؤُها لها. وشرطُ العِتْقِ يُوجبُهُ (١٣)، ولأنَّه مُعْتِقٌ عن نَفْسِه فكان الولاءُ له كما لو اشْتَرَطَ عليه العِتْقَ فأَعْتقَ. ولَنا، أَنَّ الذى أعْتَقَ من الزَّكاةِ مُعْتِقٌ من غيرِ مالِه، فلم يكُنْ له الولاءُ، كما لو دَفَعَها إلى السَّاعِى فاشْتَرَى بها وأعْتَقَ، وكما لو دَفَعَ إلى المُكَاتَبِ مالًا، فأدَّاه فى كِتَابَتِه، وفارَقَ من اشْتُرِطَ عليه العِتْقُ فإنَّه إنَّما أعْتَقَ مَالَه، والعِتْقُ فى الكَفَّارِةِ والنَّذْرِ واجبٌ عليه، فأشْبَهَ العِتْقَ من الزَّكاةِ. وذهب كثيرٌ من أهلِ العلم إلى أنَّه لا يُعْتَقُ من الزكاةِ. وعَلَّل بعضُهم المَنْعَ من ذلك، بأنَّه يَجُرُّ الوَلاءَ إلى نَفْسِه فيَنْتَفِعُ بزَكاتِه. وهذا قولٌ لأحمدَ، رَوَاه عنه جماعةٌ. وهو قولُ النَّخَعِىِّ، والشَّافعىِّ.

١٠٥٢ - مسألة؛ قال: (ومَنْ مَلَك ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عتَقَ (١) عَلَيْهِ، وكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ)

ذُو الرَّحِمِ المَحْرَمُ: القريبُ الذى يَحْرُمُ نِكاحُه عليه لو كان أحَدُهُما رَجُلًا والآخرُ امرأةً. وهم الوالدان وإن عَلَوْا من قِبَلِ الأَبِ والأُمِّ جميعا، والوَلَدُ وإن سَفَلَ من وَلَدِ البَنِين والبَناتِ، والإِخْوةُ والأخَواتُ وأوْلادُهم وإن سَفَلُوا، والأعمامُ والعَمَّاتُ والأخْوالُ والخالاتُ


(١٣) فى م: "يوجب".
(١) فى م: "فأعتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>