للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسى شيئًا أنَّ الحَقَّ قتلَه، إلَّا حَدَّ الخمرِ، فإنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَسُنَّه لنا (٢٤). وأشارَ على عمرَ بضَمانِ التي أجْهَضَتْ جَنِينَها حينَ أرسلَ إليها (٢٥). ولَنا، أنَّها عُقوبةٌ مَشْروعَةٌ للرَّدْعِ، والزَّجْرِ، فلم يُضْمَنْ من تَلِفَ بها، كالحَدِّ. وأمَّا قولُ عليٍّ في دِيَةِ من قتلَه حَدُّ الخمرِ، فقد خالفَه غيرُه من الصَّحَابَةِ، فلم يُوجِبُوا شيئًا به، ولم يَعْمَلْ به الشَّافِعِىُّ ولا غيرُه من الفقهاءِ، فكيف يُحْتَجُّ به مع تركِ الجميعِ له. وأمَّا قولُه في الجَنِين، فلا حُجَّةَ لهم فيه، فإنَّ الجنينَ الذي تَلِفَ لا جنايةَ منه، ولا تَعْزيرَ عليه، فكيف يسْقُطُ ضَمانُه؟ ولو أنَّ الإِمامَ حَدَّ حاملًا، فأتْلَفَ جنينَها، ضَمِنَه، مع أنَّ الحَدَّ مُتَّفَقٌ عليه (٢٦) بيْنَنا، على أنَّه لا يجبُ ضَمانُ المَحْدودِ إذا أُتْلِفَ به.

فصل: وليس على الزَّوْجِ ضَمانُ الزَّوْجةِ إذا تَلِفَتْ من التَّأْدِيبِ المشْروعِ في النُّشوزِ، ولا على المُعَلِّم إذا أَدَّبَ صَبِيَّه الأدبَ المشروعَ. وبه قال مالِكٌ. وقال الشَّافِعِىُّ، وأبو حنيفةَ: يَضْمَنُ. ووَجْهُ المذهَبَيْنِ ما تقدَّمَ في التي قبلَها. قال الخلَّالُ: إذا ضَرَبَ المعلِّمُ ثلاثا، كما قال التابعون وفقهاءُ الأمصارِ، وكان ذلك ثلاثًا، فليس بضامنٍ، وإن ضَرَبَه ضَرْبًا شَدِيدًا، مثلُه لا يكونُ أدبًا للصَّبِىِّ، ضَمِنَ؛ لأنَّه قد تعدَّى في الضَّرْبِ. قال القاضي: وكذلك يَجِىءُ على قياسِ قولَ أصحابِنا: إذا ضَرَبَ الأبُ أو الجَدُّ الصَّبِىَّ تأْدِيبًا فَهَلَكَ، أو ضَرَبَه (٢٧) الحاكِمُ أو أمينُه، أوَ الوَصِىُّ عليه تأْديبًا، فلا ضمانَ عليهم، كالمُعَلِّمِ.

فصل: وإن قَطَعَ طَرَفًا من إنسانٍ فيه أَكِلَةٌ، أو سِلْعَةٌ بإذْنه، وهو كبيرٌ عاقلٌ، فلا ضمَانَ عليه، وإن قطعه مُكْرَهًا، فالقطعُ وسِرَايَتُه مَضْمونٌ بالقِصَاصِ، سواءٌ كان القاطِعُ إمامًا أو غيرَه؛ لأنَّ هذه جِرَاحةٌ تُؤَدِّى إلى التَّلَفِ، والأكِلَةُ إن كان بقاؤُها


= من كتاب الأدب، وفى: باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة. . ., من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري ٤/ ١٩١، ٨/ ٣١، ٨٠. ومسلم، في: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٣٩. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٨٠، ٤١١, ٤٤١.
(٢٤) تقدم تخريجه، في صفحة ٥٠٤.
(٢٥) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٥.
(٢٦) سقط من: الأصل، ب.
(٢٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>