للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التِّرْمِذِيُّ: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. حتى يُكْمِلَ سَبْعَةَ أشْوَاطٍ، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً. وحُكِىَ عن ابنِ جَرِيرٍ، وبعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ، . أَنَّهم قالُوا: ذَهَابُه ورُجُوعُه سَعْيَةٌ. وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ جَابِرًا (٣) قال فى صِفَةِ حَجِّ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ثم نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتى إذا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ، رَمَلَ فى بَطْنِ الوَادِى، حتى إذا صَعِدْنَا مَشَى، حتى أتَى المَرْوَةَ، ففَعَلَ على المَرْوَةِ كما فَعَلَ على الصَّفَا، فَلمَّا كان آخِرُ طَوَافِه على المَرْوَةِ، قال: "لَوِ اسْتَقْبَلتُ مِنْ أمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أسُقِ الْهَدْىَ، وجَعَلْتُها عُمْرَةً". وهذا يَقْتَضِى أنَّه آخِرُ طَوَافِه، ولو كان على ما ذَكَرُوهُ، كان آخِرُ طَوَافِه عندَ الصَّفَا، فى المَوْضِعِ الذى بَدَأ منه، ولأنَّه فى كُلِّ مَرَّةٍ طَائِفٌ بهما (٤)، فيَنْبَغِى أن يَحْتَسِبَ بذلك مَرَّةً، كما أنَّه إذا طَافَ بِجَمِيعِ البَيْتِ احْتَسَبَ به مَرَّةً.

٦٢٢ - مسألة؛ قال: (ويَفْتَتِحُ بالصَّفَا، وَيخْتَتِمُ بِالمَرْوَةِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فى السَّعْىِ، وهو أن يَبْدَأ بالصَّفَا، فإن بَدَأَ بالمَرْوَةِ لم يَعْتَدَّ بذلك الشَّوْطِ، فإذا صَارَ على (١) الصَّفَا اعْتَدَّ بما يَأْتِى به بعدَ ذلك؛ لأنَّ النَّبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدَأ بِالصَّفَا، وقال: "نَبْدَأُ بِمَا بَدَأ اللهُ بِهِ" (٢). وهذا قَوْلُ الحسنِ، ومَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، والأوْزَاعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن ابنِ عَبّاسٍ أنَّه (٣) قال: قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٤). فبَدَأ بِالصَّفَا، وقال: اتَّبِعُوا القُرْآنَ، فما بَدَأ اللهُ به، فابْدأُوا به.


(٣) تقدم تخريج حديث جابر الطويل فى صفحة ١٥٦.
(٤) فى الأصل: "فيهما".
(١) فى أ، ب، م: "إلى".
(٢) تقدم تخريج الحديث فى صفحة ١٥٦، من حديث جابر الطويل.
(٣) سقط من: ب، م.
(٤) سورة البقرة ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>