للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينْخَسِفَ (٦٥) به سَقْفٌ، فإنَّ فيه وفى الصَّغِيرِ والمَجْنُونِ والأَعْمَى قوليْن؛ لأنَّه هَلَكَ بفِعْلِ نَفْسِه، فلم يَضْمَنْه الطالِبُ، كما لو لم يَطْلُبْه. ولَنا، أنَّه هَلَكَ بِسَبَبِ عُدْوانِه، فضَمِنَه، كما لو حَفَرَ له بئرًا، أو نَصَبَ سِكِّينًا، أو سَمَّ طَعامَه ووَضَعَه في مَنْزِلِه. وما ذكَرَه يَبْطُلُ بهذه الأصُولِ، ولأنَّه تَسَبَّبَ إلى هَلاكِه (٦٦)، فأشْبَهَ ما لو انْخَسَفَ من تَحْتِه سَقْفٌ، أو كان صَغِيرًا أو مجنونًا. وإن طَلَبَه بشيءٍ يُخِيفُه به (٦٧)، كاللَّيْثِ ونحوِه، فحُكْمُه حكمُ ما لو طَلَبه بسَيْفٍ مَشْهُورٍ؛ لأنَّه في مَعْناه.

فصل: ولو شَهَرَ سَيْفًا في وَجْهِ إنْسانٍ، أو دَلَّاهُ من شاهِقٍ، فمات من رَوْعَتِه، أو ذَهَبَ عَقْلُه، فعليه دِيَتُه. وإن صاح بصَبِىٍّ أو مَجْنُونٍ صَيْحةً شديدةً، فخَرَّ من سَطْحٍ أو نحوِه، فمات، أو ذَهَبَ عَقْلُه، أو تَغَفَّلَ عاقِلًا فصاحَ به، فأصَابَه ذلك، فعليه دِيَتُه، تَحْمِلُها العاقلةُ. فإن فَعَلَ ذلك عَمْدًا، فهو شِبْهُ عَمْدٍ، وإلَّا فهو خَطَأٌ. ووَافَقَ الشافعيُّ في الصَّبِىِّ، وله في البالغِ قَوْلان. ولَنا، أنَّه سَبَبُ إتْلافِه، فضَمِنَه، كالصَّبِىِّ.

فصل: وإن قَدَّمَ إنسانًا إلى هَدَفٍ يَرْمِيه الناسُ، فأصَابه سَهْمٌ من غيرِ تَعَمُّدٍ، فضَمانُه على عاقِلةِ الذي قَدَّمَه؛ لأنَّ الرّامِى كالحافرِ، والذي قَدَّمَه كالدَّافعِ، فكان الضّمانُ على عاقِلَتِه. وإن عَمَدَ الرَّامِى رَمْيَه، فالضَّمانُ عليه؛ لأنَّه مُباشِرٌ، وذاك مُتَسَبِّبٌ، فأشْبَهَ المُمْسِكَ والقاتِلَ. وإن لم يُقَدِّمْه أحَدٌ، فالضَّمانُ على الرَّامِى، وتَحْمِلُه عاقِلَتُه إن كان خطأً؛ لأنَّه قَتَلَه.

فصل: وإن شَهِدَ رَجُلانِ على رَجُلٍ بقَتْلٍ أو جَرْحٍ، أو سَرِقةٍ قد تُوجِبُ القَطْعَ، أو زِنًى يُوجِبُ الرَّجْمَ أو الجَلْدَ، ونحوِ ذلك، فاقْتُصَّ منه، أو قُطِعَ بالسَّرِقَةِ، أو حُدَّ فأفْضَى إلى تَلَفِه، ثم رَجَعَا عن الشهادةِ، لَزِمَهُما ضَمانُ ما تَلِفَ بشَهادَتِهِما، كالشَّرِيكَينِ في


(٦٥) في ب، م: "يخسف".
(٦٦) في ب، م: "إهلاكه".
(٦٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>