للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْلِها. وإِنْ (٩) كانَ ممَّا لا كُلْفَةَ فى نَقْلِه، إِلَّا أَنَّه لا يُمْكِنُ تَفْرِيقُه بنفسِه، ويحْتاجُ إلى البَيْعِ، نُظِرَ إلى الحَظِّ للمساكينِ فى بَيْعِه فى بلدِه، أو نَقْلِه ليُباعَ ثَمَّ. وإنِ اسْتَوى الأمْرانِ، بِيع فى أىِّ مَوْضعٍ شاءَ.

فصل: وإِنْ نذَر أن يُهْدِىَ إلى غيرِ مكةَ، كالمدينةِ، أو الثُّغورِ، أو يذْبحَ بها، لَزِمَه الذَّبْحُ، وإيصالُ ما أهْداهُ إلى ذلك المكانِ، وتَفْرِقةُ الهَدْى ولَحْمِ الذَّبِيحةِ على أهلِه، إِلَّا أن يكون بذلك المكانِ ما لا يجوزُ النَّذْرُ له، ككنيسةٍ، أو صنَمٍ، أو نَحوِه، ممَّا يُعظِّمُه الكُفَّارُ أو غيرُهم، ممَّا لا يجوزُ تَعْظيمُه، كشجرةٍ، أو قَبْرٍ، أو حجرٍ، أو عينِ ماءٍ، ونحوِ ذلك؛ لِما رَوَى أبو داودَ (١٠)، قال: نذرَ رجلٌ على عهدِ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنْ ينْحَرَ إبلًا بِبُوَانَةَ (١١)، فأتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ كَانَ بِهَا وَثَنٌ مِنْ أوْثَانِ الْجَاهِلِيّةِ يُعْبَدُ؟ " قالوا: لا. قال: "هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أعْيَادِهِمْ؟ ". قالوا: لا. قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ". ولأنَّه ضمَّنَ نَذْرَه نَفْعَ فُقَراءِ ذلك البلدِ، بإيصالِ اللَّحمِ إليهم، وهذه قُرْبةٌ. فتَلْزَمُه (١٢)، كما لو نَذَرَ التَّصَدُّقَ عليهم. فإنْ كانَ بها شىءٌ ممَّا ذكرْنا، لم يَجُزِ النَّذْرُ، لقولِ النبىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ كَانَ بِهَا وَثَنٌ، أَوْ عِيدٌ مِنْ أعْيَادِ الجَاهِلِيَّةِ؟ ". وهذا يدُلُّ على أَنَّه لو كانَ بها ذلك، لَمَنَعَه من الوفاءِ بنَذْرِه، ولأنَّ فى هذا تَعظيمًا لغير ما عظَّمَ اللَّهُ، يُشْبِهُ تعْظيمَ الكُفَّارِ للأصْنامِ، فحرُمَ، كتَعْظيمِ الأصْنامِ، ولذلك لعنَ [النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُتَّخذاتِ على القُبورِ المساجدَ والسُّرُجَ (١٤)، وقال: "لَعَنَ] (١٣) اللَّهُ اليَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِم مَسَاجِدَ" (١٤). يُحذِّرُ مِثْلَما صَنَعوا (١٥). وعلى هذا نَذْرُ


(٩) فى ب: "ولو".
(١٠) فى: باب ما يؤمر به من الوفاء عن النذر، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود ٢/ ٢١٣.
(١١) بوانة: هضبة وراء ينبع، قرية من ساحل البحر. معجم البلدان ١/ ٧٥٤.
(١٢) فى ب: "فلزمته".
(١٣) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٤) تقدم تخريجه، فى: ٣/ ٤٤٠. ويصحح موضع الترمذى إلى: ٢/ ١١٦.
(١٥) تقدم تخريجه، فى: ٢/ ٤٧٤. ويضاف إليه: وأخرجه أبو داود، فى: باب فى البناء على القبر، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود ٢/ ١٩٤. والدارمى، فى: باب النهى عن اتخاذ القبور مساجد، من كتاب الصلاة. سنن الدارمى =

<<  <  ج: ص:  >  >>