للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا عَتَقَتِ الأمةُ تَحْتَ العَبْدِ، فاخْتارَتْ نَفْسَها، اعْتَدّتْ عِدّةَ الحُرَّةِ؛ لأنَّها بانَتْ من زَوْجِها وهى حُرَّةٌ. وقد رَوَى الحسنُ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَمَرَ بَرِيرةَ أن تَعْتَدَّ عِدَّةَ الحُرَّةِ (٨). وإن طَلَّقَها العَبْدُ طَلاقًا رَجْعِيًّا، فأَعْتَقَها سَيِّدُها، بَنَتْ على عِدَّةِ الحُرَّةِ، سَواءٌ فَسَخَتْ، أو أقامَتْ على النكاحِ؛ لأنَّها عَتَقتْ فى عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ. وإن لم تَفْسَخْ، فرَاجَعَها فى عِدَّتِها، فلها الخيارُ بعدَ رَجْعَتِها، [فإن اخْتارتِ الفَسْخَ قبلَ المَسِيسِ، فهل تَسْتَأْنِفُ العِدَّةَ، أم تَبْنِى على ما مَضَى من عِدَّتِها؟ . على وَجْهَيْنِ] (٩). فإن قُلْنا: تَسْتَأْنِفُ. فإنَّها تستأنفُ عِدَّةَ حُرَّةٍ. وإن قُلْنا: تَبْنِى. بَنَتْ على عِدَّةِ حُرَّةٍ.

١٣٤٥ - مسألة؛ قال: (وَإذَا طَلَّقَهَا وَهِىَ ممَّنْ قَدْ حَاضَتْ، فارْتَفَعَ حَيْضُهَا، لَا تَدْرِى مَا رَفَعَهُ، اعْتَدَّتْ سَنَةً)

وجملةُ ذلك، أنَّ الرجلَ إذا طَلَّقَ امرأتَه، وهى من ذواتِ الأقْراءِ، فلم تَرَ الحَيْضَ فى عادَتِها، ولم تَدْرِ ما رَفَعه، فإنَّها تَعْتدُّ سنةً؛ تِسْعةَ أشْهُرٍ منها تتَرَبَّصُ فيها لتَعْلَمَ بَراءةَ رَحِمِها؛ لأنَّ هذه المُدَّةَ هى غالبُ مُدَّةِ الحَمْلِ، فإذا لمَ يَبِنِ الْحَمْلُ (١) فيها، عُلِمَ بَراءةُ الرَّحِمِ ظاهرًا، فتَعْتَدُّ بعدَ ذلك عِدَّةَ الآيِسَاتِ، ثلاثةَ أشْهُرٍ. هذا قولُ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه. قال الشافعىُّ: هذا قضاءُ عمرَ بينَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ، لا يُنْكِرُه منهم مُنْكِرٌ عَلِمْناهُ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ فى أحدِ قَوْلَيْه. ورُوِىَ ذلك عن الحسنِ. وقال الشافعىُّ، فى قولٍ آخرَ: تَتَرَبَّصُ أرْبَعَ سِنِينَ، أكثرَ مُدَّةِ الحملِ، ثم تَعْتَدُّ بثلاثةِ أشْهُرٍ؛ لأنَّ هذه المُدَّةَ هى التى يُتَيَقَّنُ بها بَراءةُ رَحِمِها، فوَجَبَ اعْتبارُها احْتِياطًا. وقال في الجديدِ: تكونُ فى عِدَّةٍ أبدًا، حتى تَحِيضَ، أو تَبْلُغَ سِنَّ الإِيَاسِ، تَعْتَدُّ حينَئذٍ بثلاثةِ أشهُرٍ. وهذا قولُ جابرِ بن زيدٍ، وعَطاءٍ، وطاوسٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعىِّ،


(٨) أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣٦١. وانظر ما تقدم فى: ١٠/ ٦٩، ٧٠.
(٩) سقط من: ب.
(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>