للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب فَرْض الطَّهارَةِ

٢٣ - مسألة؛ قال: (وفَرْضُ الطَّهَارَةِ ماءٌ طاهِرٌ، وإزَالَةُ الحَدَثِ)

أرادَ بالطَّاهِرِ: الطَّهُورَ. وقد ذكرنا فيما مضى أنَّ الطَّهَارَةَ لا تَصِحُّ إلَّا بالماءِ الطَّهُورِ. وعَنَى بإزَالَةِ الحَدَثِ الاسْتِنْجاءَ بالماءِ أو بالأَحْجارِ، ويَنْبَغِى أن يَتَقَيَّدَ ذلك بحالةِ وجُودِ الحَدَثِ، كما تَقَيَّدَ اشْتِرَاطُ الطَّهارةِ بحالةِ وُجُودِهِ. وسَمَّى هَذين فَرْضَيْنِ لأنَّهُما مِن شَرائِطِ الوُضُوءِ، وشَرَائِطُ الشَّىءِ وَاجِبةٌ له، والواجبُ هو الفَرْضُ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ: اشْتِراطُ الاسْتِنْجاءِ لِصِحَّةِ الوُضُوءِ، فلو تَوَضَّأَ قَبْلَ الاسْتِنْجاءِ لَمْ يَصِحّ كالتَّيَمُّمِ. والرِّوايةُ الثانيةُ: يَصِحُّ الوُضُوءُ قبلَ الاسْتِنْجاءِ، ويَسْتَجْمِرُ بعد ذلك بالأحْجَارِ، أو يَغْسِل فَرْجَه بحائِلٍ بَيْنَه وبَيْنَ يَدَيْهِ ولا يَمَسّ الفَرْجَ. وهذه الرِّواية أصَحّ، وهى مَذْهَبُ الشَّافِعِىّ؛ لأنها إزَالَةُ نَجاسَةٍ، فلم تُشْتَرَطْ لِصِحَّة الطَّهَارةِ، كما لو كانت علَى غَيْرِ الفَرْجِ.

فأمَّا التَّيَمُّمُ قَبْلَ الاسْتِجْمارِ، فقال القاضي: لا يَصِحُّ وَجْهًا واحِدًا؛ لأن التَّيَمُّمَ لا يَرْفَعُ الحَدَثَ، وإنما [يُبِيحُ الصَّلاةَ] (١)، ومَنْ عليه نَجاسَةٌ يُمْكِنُه إزالَتُها لا تُبَاحُ له الصَّلاةُ، فلم تَصِحّ نِيَّةُ الاسْتِباحةِ كالتَّيَمُّمِ قبلَ الوَقْتِ. وقال القاضي: فيه وجهٌ آخر، أنه يَصِحُّ؛ لأن التَّيَمُّمَ طَهارةٌ فأشْبَهَت طهارةَ (٢) الوُضُوءِ، والمَنْعُ من الإِباحةِ لمانعٍ آخَر لا يَقْدَحُ في صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، كما لَوْ تَيَمَّمَ في مَوْضِعٍ نُهِىَ عن الصَّلاةِ فيه، أو تَيَمَّمَ مَن علَى ثَوْبهِ نَجَاسَةٌ أو عَلَى بَدَنِه في غَيْرِ الفَرْجِ. [وقال ابنُ عَقِيل: لو كانت النجاسةُ على غير الفَرْجِ من بَدَنِه فهو كما لو كانت على الفَرْجِ] (٣)؛ لِمَا


(١) في م: "أبيح للصلاة".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>