للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّقِيقِ، والذُّبَابَةِ (٦٠) تَدْخُلُ حَلْقَه، أو يُرَشُّ عليه الماءُ فيَدْخُلُ مَسامِعَهُ، أو أنْفَهُ أو حَلْقَه، أو يُلْقَى فى ماءٍ فيَصِلُ إلى جَوْفِه، أو يَسْبِقُ إلى حَلْقِه مِن ماءِ المَضْمَضَةِ، أو يُصَبُّ فى حَلْقِه أو أنْفِه شىءٌ كَرْهًا، أو تُدَاوَى مَأْمُومَتُه أو جَائِفَتُه بغيرِ اخْتِيارِه، أو يُحْجَمُ كَرْهًا، أو تُقَبِّلُه امْرَأَةٌ بغيرِ اخْتِيَارِه فيُنْزِلُ، أو ما أَشْبَه هذا، فلا يَفْسُدُ صَوْمُه، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه لا فِعْلَ له فلا يُفْطِرُ، كالاحْتِلَامِ. وأمَّا إن أُكْرِهَ على شىءٍ من ذلك بالوَعِيدِ، ففَعَلَهُ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: قال أصْحابُنا: لا يُفْطِرُ به أيضا؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الخَطَأِ والنِّسْيَانِ، ومَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". قال: ويَحْتَمِلُ عندى أن يُفْطِرَ؛ لأنَّه فَعَلَ المُفْطِرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عن نَفْسِه، فأَشْبَه المَرِيضَ يُفْطِرُ لِدَفْعِ المَرَضِ، ومن يَشْرَبُ لِدَفْعِ العَطَشِ، ويُفَارِقُ المُلْجَأَ؛ لأنَّه خَرَجَ بذلك عن حَيِّزِ الفِعْلِ، ولذلك لا يُضَافُ إليه، ولذلك افْتَرَقَا فيما لو أكْرِهَ على قَتْلِ آدَمِىٍّ، وأُلْقِىَ عليه.

الفصل السابع: أنَّه مَتَى أفْطَرَ بشىءٍ من ذلك فعليه القَضاءُ، لا نَعْلَمُ فى ذلك خِلافًا؛ لأنَّ الصَّوْمَ كان ثَابِتًا فى الذِّمَّةِ، فلا تَبْرَأُ منه إلَّا بأدَائِه، ولم يُؤَدِّه، فبَقِىَ على ما كان عليه؛ ولا كَفَّارَةَ فى شىءٍ ممَّا ذَكَرْنَاهُ، فى ظَاهِرِ المَذْهَبِ. وهو قولُ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىِّ، وابنِ سِيرِينَ، وحَمَّادٍ، والشَّافِعِىِّ. وعن أحمدَ أن الكَفَّارَةَ تَجِبُ على مَن أنْزَلَ بِلَمْسٍ أو قُبْلَةٍ أو تَكْرَارِ نَظَرٍ؛ لأنَّه إنْزالٌ عن مُباشَرَةٍ، أشْبَهَ الإِنْزَالَ بالجِمَاعِ. وعنه فى المُحْتَجِمِ، إن كان عَالِمًا بالنَّهْىِ، فعليه الكَفَّارَةُ. وقال عَطاءٌ فى المُحْتَجِمِ: عليه الكَفَّارَةُ. وقال مَالِكٌ: تَجِبُ الكَفَّارَةُ بكلِّ ما كان هَتْكًا لِلصَّوْمِ، إلَّا الرِّدَّةَ؛ لأنَّه إفْطارٌ فى رمضانَ أشْبَه الجِماعَ. [وحُكِىَ عن عَطاءٍ، والحسنِ، والزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وإسحاقَ (٦١)، أن الفِطْرَ بالأكْلِ والشُّرْبِ يُوجِبُ ما يُوجِبُه الجِماعُ] (٦٢). وبه قال


(٦٠) فى ب، م زيادة: "التى".
(٦١) سقط من: الأصل.
(٦٢) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>