للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدُّعَاءَ حتى تُصَلِّىَ الرَّكْعَتَيْنِ، ثم يَتَشَهَّدُ ويُسَلِّمُ بهم. فأمَّا الطَّائِفَةُ الأُولَى، فإنَّما تَقْرَأُ في الرَّكْعَتَيْنِ بعد مُفارَقَةِ إمامِها الفاتِحَةَ وَحْدَها، لأنَّها آخِرُ صلاتِها. وقد قَرَأ إمامُها بها السُّورَة في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وظَاهِرُ المذهبِ أنَّ ما تَقْضِيهِ الطَّائِفَةُ الثانيةُ أَوَّلُ صلاتِها، فعلى هذا تَسْتَفْتِحُ إذا فارَقَتْ إمامَها، وتَسْتَعِيذُ، وتَقْرَأُ الفاتِحَةَ وسُورَةً. وقد رُوِىَ أنَّه آخِرُ صلاتِها، ومُقْتَضاهُ ألَّا تَسْتَفْتِحَ ولا تَسْتَعِيذَ ولا تَقْرَأَ السُّورَةَ. وعلى كلِّ حالٍ فَيَنْبَغِى لها أن تُخَفِّفَ، وإن قَرَأَتْ سُورَةً فَلْتَكُنْ من أخَفِّ السُّوَرِ، أو تَقْرَأ آيةً أو اثْنَتَيْنِ من سُورَةٍ. ويَنْبَغِى لِلْإِمَامِ أن لا يُعَجِّلَ بالسَّلامِ حتى يَفْرَغَ أَكْثَرُهم من التَّشَهُّدِ، فإنْ سَلَّمَ قبلَ فَراغِ بَعْضِهم، أتَمَّ تَشَهُّدَهُ وسَلَّمَ.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فيما يَقْضِيهِ المَسْبُوقُ، فَرُوِىَ أنَّه أوَّلُ صلاتِه، وما يُدْرِكُه مع الإِمامِ آخِرُها. وهذا ظَاهِرُ المذهبِ. وكذلك قال ابنُ عمرَ، ومُجاهِدٌ، وابنُ سِيرِينَ، ومالِكٌ، والثَّوْرِىُّ. وحُكِىَ عن الشَّافِعِىِّ، وأبى حنيفةَ، وأبى يوسفَ، والحسنِ بن حَىٍّ (٣). وَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّ ما يَقْضِيهِ آخِرُ صلاتِه. وبه قال سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، وعمرُ بن عبدِ العزيزِ، ومَكْحُولٌ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والأوْزاعِيُّ، وإسحاقُ، والمُزَنِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، ورِوايَةٌ عن مالِكٍ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". مُتَّفَقٌ عليه (٤). ولأنَّه آخِرُ صلاتِه حَقِيقَةً، فكان آخِرَها حُكْمًا، كغَيْرِ المَسْبُوقِ، ولأنَّه يَتَشَهَّدُ في آخِرِ ما يَقْضِيه ويُسَلِّمُ، ولو كان أوَّلَ صلاتِه لما تَشَهَّدَ وكان يَكْفِيه تَشَهُّدُه مع الإِمامِ. ولِلرِّوَايَةِ الأُولَى قولُه: "وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا" (٤). وهو صَحِيحٌ، ولأنَّه يُسَمَّى قَضَاءً، والقَضاءُ لِلْفائِتِ، والفائِتُ أَوَّلُ الصلاةِ، ومَعْنَى قولِه: "فَأَتِمُّوا" أي اقْضُوا، لأنَّ القَضاءَ إتْمَامٌ، ولذلك سَمَّاهُ فائِتًا، والفَائِتُ أوَّلُ الصلاةِ، ولأنَّه يَقْرَأُ


(٣) هو الحسن بن صالح بن حى، تقدمت ترجمته في ١/ ٣٢٩.
(٤) تقدم تخريجه في ٢/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>