للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن قال: له عَلَىَّ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ دِرْهَمًا. فالجَمِيعُ دَرَاهِمُ. لا أعْلَمُ فيه خِلَافًا. وإن قال: مائةٌ وخَمْسُونَ دِرْهَمًا. فكذلك. وخَرَّجَ بعضُ أصْحَابِنَا وَجْهًا أنَّه لا يكونُ تَفْسِيرًا إلَّا لما يَلِيه، وهو قولُ بعضِ أصْحَابِ الشّافِعِىِّ. وكذلك إن قال: أَلْفٌ وثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أو خَمْسُونَ دِرْهَمًا (٢٤) وأَلْفُ دِرْهَمٍ، أو أَلْفٌ ومائةُ دِرْهَمٍ، أو مائةٌ وأَلْفُ دِرْهَمٍ. والصَّحِيحُ ما ذَكَرْنا؛ فإنَّ الدِّرْهَمَ المُفَسّرَ يكون تَفْسِيرًا (٢٥) لِجَمِيعِ ما قَبْلَه من الجُمَلِ (٢٦) المُبْهَمَةِ وجِنْسِ العَدَدِ، قال اللهُ تعالى مُخْبِرًا عن أحَدِ الخَصْمَيْنِ أنَّه قال: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} (٢٧). وفى الحَدِيثِ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تُوُفِّىَ وهو ابنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ سَنَةً، وتُوُفِّىَ أبو بكرٍ وهو ابنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ سَنَةً، وتُوُفِّىَ عمرُ وهو ابنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ سَنَةً (٢٨). وقال عَنْتَرَةُ (٢٩):

فيها اثْنَتَانِ وأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُودًا كخَافِيَةِ الغُرَابِ الأَسْحَمِ

ولأنَّ الدِّرْهَمَ ذُكِرَ تَفْسِيرًا، ولهذا لا تَجِبُ به زِيَادَةٌ على العَدَدِ المَذْكُورِ، فكان تَفْسِيرًا لِجَمِيعِ ما قبلَه، لأنَّها تَحْتَاجُ إلى تَفْسِيرٍ، وهو صَالِحٌ لِتَفْسِيرِها، فوَجَبَ حَمْلُه على ذلك. وهذا المَعْنَى مَوْجُودٌ في قَوْلِه: ألْفٌ وثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. وسائِر الصُّوَرِ المَذْكُورَةِ، فعلى قولِ مَن لا يَجْعَلُ المُجْمَلَ من جِنْسِ المُفَسَّرِ لو (٣٠) قال: بِعْتُكَ هذا


(٢٤) سقط من: أ.
(٢٥) في ب: "مفسرا".
(٢٦) في أ: "الجملة".
(٢٧) سورة ص ٢٣.
(٢٨) أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٩٦.
وسن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخرجه البخاري في: باب خاتم النبيين من كتاب المناقب، وباب وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب المغازى ٤/ ٢٢٦، ٦/ ١٩. والترمذي، في: باب مبعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ١٠٩. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٧٠، ٣٧١.
(٢٩) ديوانه ٩٩.
(٣٠) في ب، م: "أو".

<<  <  ج: ص:  >  >>