للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماءٌ يُغْرِقُ الواقِعَ فيَقْتُلُه، أو أسَدٌ يأْكُلُهم، فليس على بعضِهم ضَمانُ بعضٍ؛ لعَدَمِ تأثيرِ فِعْلِ بعضِهم في هلاكِ بعضٍ، وإِن شَكَكْنا في ذلك، لم يَضْمَنْ بعضُهم بعضًا؛ لأنَّ الأصْلَ بَراءةُ الذِّمَّةِ فلا نَشْغَلُها بالشَّكِّ. وإن كان مَوْتُهُم بوُقوعِ بعضِهم على بعضٍ, فدَمُ الرَّابعِ هَدْرٌ؛ لأنَّ غيرَه لم يَفْعَلْ فيه شيئًا، وإنما هَلَكَ بفِعْلِه، وعليه دِيَةُ الثالثِ؛ لأنَّه قَتَلَه بوُقُوعِه عليه، ودِيَةُ الثاني عليه وعلى الثالثِ نِصْفَيْنِ، ودِيَةُ الأوَّلِ على الثَّلاثةِ أثْلاثًا.

فصل: وإن هَلَكُوا بأمْرٍ في البئرِ، مثل أسَدٍ كان فيه، وكان الأوَّلُ جَذَبَ الثاني، والثانى جَذَبَ الثالثَ، والثالثُ جَذَبَ الرابعَ، فقَتَلَهُم الأسَدُ، فلا شىءَ على الرَّابعِ، ودِيَتُه على عاقلةِ الثَّالثِ، في أحدِ الوَجْهينِ، وفى الثاني، على عواقِلِ الثَّلاثةِ أثْلاثًا، ودَمُ الأوَّلِ هَدْرٌ، وعلى عاقِلَتِه دِيَةُ الثاني. وأمَّا دِيَةُ الثالثِ، فعلى الثاني، في أحدِ الوَجْهينِ، وفى الآخَرِ، على الأوَّلِ والثانى نِصْفَيْنِ. وهذه المسألةُ تُسَمَّى مَسْأَلةَ الزُّبْيَةِ، وقد رَوَى حَنَشٌ الصَّنْعانىُّ، أنَّ قَوْمًا من أهْلِ اليمنِ، حَفَرُوا زُبْيَةً للأَسَدِ، فاجْتَمَعَ الناسُ على رأسِها، فهَوَى فيها واحدٌ، فجَذَبَ ثانِيًا، فجَذَبَ الثاني ثالثًا (١٢)، ثم جذَبَ الثالثُ رابعًا، فقَتَلَهُم الأسَدُ، فرُفِعَ ذلك إلى عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، فقال: للأوَّلِ رُبْعُ الدِّيَةِ؛ لأنَّه هَلَكَ فَوْقَه ثلاثةٌ، وللثانى ثُلثُ الدِّيَةِ؛ لأنَّه هَلَكَ فَوْقَه اثْنانِ، وللثالثِ نصفُ الدِّيَةِ، لأنَّه هَلَكَ فوقَه واحدٌ، وللرابع كمالُ الدِّيَةِ. وقال: فإنِّى أجْعَلُ الدِّيَةَ على مَنْ حَضَرَ (١٣) رَأْسَ البئرِ. فرُفِعَ ذلك إلى النِّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "هُوَ كَمَا قَالَ". روَاه سعيدُ بن منصورٍ (١٤). قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، وأبو الأَحْوَصٍ، عن سِمَاكِ بن


(١٢) في م: "الثالث".
(١٣) انظر: إعلام الموقعين ٢/ ٢٠.
(١٤) وأخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٧٧، ١٢٨، ١٥٢. والبيهقي، في: باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار، من كتاب الديات. السنن ٨/ ١١١. وابن أبي شيبة، في: باب القوم يدفع بعضهم بعضا في البئر أو الماء، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>