للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا ينبغِى له أن يُكْرِهَها على من (١٣) لا تَرْضاه. وإن أجابَتْه (١٤)، ثم رَجَعَتْ عن الإِجابةِ وسَخِطَتْه، زال حكمُ الإِجابةِ؛ لأنَّ لها الرُّجُوعَ. وكذلك إذا رَجَعَ الوَلِىُّ المُجْبِرُ عن الإِجابةِ، زال حُكْمُها؛ لأنَّ له النَّظَرَ فى أمْرِ مُوَلِّيَتِه، ما لم يَقَعِ العَقْدُ. وإن لم تَرْجِعْ هى ولا وَلِيُّها، لكنْ (١٥) تَرَكَ الخاطِبُ الخِطْبةَ، أو أذِنَ فيها، جازت خِطْبَتُها؛ لما رُوِىَ فى حديثِ ابن عمرَ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه نَهَى أن يَخْطُبَ الرَّجُلُ على خِطْبةِ أخِيه، حَتَّى يَأْذَنَ (١٦) أو يَتْرُكَ. روَاه البُخارِىُّ.

فصل: وخِطْبةُ الرَّجُلِ على خِطْبةِ أخِيه فى موضعِ النَّهْىِ مُحَرَّمةٌ. قال أحمدُ: لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَخْطُبَ فى هذه الحالِ. وقال أبو حَفْص (١٧) العُكْبَرِىُّ: هى مكروهةٌ غيرُ محرمةٍ، وهذا نَهْىُ تأْدِيبٍ لا تَحْرِيمٍ. ولَنا، ظاهرُ النَّهْىِ، فإنَّ مُقْتَضاهُ التَّحْرِيمُ، ولأنَّه نَهْىٌ عن الإِضْرارِ بالآدَمِىِّ المعْصُومِ، فكان على التَّحْريمِ، كالنَّهْىِ عن أكْلِ مالِه وسَفْكِ دَمِه، فإن فَعَلَ فنِكاحُه صحيحٌ. نص عليه أحمدُ فقال: لا يُفَرّقُ (١٨) بينهما. وهو (١٩) مذهبُ الشافعىِّ. ورُوِىَ عن مالكٍ وداودَ، أنَّه لا يَصِحُّ. وهو قياسُ قولِ أبى بكرٍ؛ لأنَّه قال فى البَيْعِ على بَيْعِ أخِيه: هو باطِلٌ. وهذا فى معناه، ووَجْهُه أنَّه نِكاحٌ مَنْهِىٌّ عنه، فكان باطِلًا كنِكاحِ الشِّغَارِ. ولَنا، أَنَّ المُحَرَّمَ لم يُقَارِنِ (٢٠) العَقْدَ، فلم يُؤَثِّرْ فيه، كما لو صَرَّحَ بالخِطْبةِ فى العِدَّةِ.


(١٣) فى ب، م: "ما".
(١٤) فى الأصل، ب: "أجابت".
(١٥) فى م: "ولكن".
(١٦) فى م زيادة: "له".
(١٧) فى م: "أبو جعفر". وتقدم فى: ١/ ١٤١.
(١٨) فى ب: "تفريق".
(١٩) فى أ، ب: "وهذا".
(٢٠) فى ب، م: "يفارق".

<<  <  ج: ص:  >  >>