للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيلاجًا، فأشْبَهَ المُباشَرَةَ دُونَ الفَرْجِ، وعليهما التَّعْزِيرُ لأنَّه زِنًى لا حَدَّ فيه، فأشْبَهَ مُباشرةَ الرَجُلِ المرأةَ مِن غيرِ جمَاعٍ. ولو باشرَ الرجلُ المرأةَ، واسْتَمْتَعَ بها فيما دونَ الفَرْجِ، فلا حَدَّ عليه؛ لما رُوِىَ أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّي لَقِيتُ امرأةً، فأصبْتُ منها كلَّ شيءٍ إلَّا الجماعَ. فأنزلَ اللَّه تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ} الآية (١٤). فقال الرجلُ: ألِىَ هذه الآيَةُ؟ فقال: "لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى". روَاه النَّسَائِىُّ (١٥). ولو وُجِدَ رجُلٌ مع امرأةٍ، يُقَبِّلُ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَه، ولم يُعْلَم هل وَطِئَها أو لا، فلا حَدَّ عليهما، فإن قالَا: نحن زَوْجانِ، واتَّفَقا على ذلك، فالقولُ قولُهما. وبه قال الحَكَمُ، وحَمَّادٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وإن شُهِدَ عليهما بالزِّنَى، فقالا: نحن زَوْجانِ. فعليهما الحَدُّ إنْ لم تكُنْ بَيِّنَةٌ. بالنِّكَاح. وبه قال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ الشَّهَادَةَ بالزِّنَى تَنْفِى كَوْنَهما زَوْجَيْن، فلا تَبْطُلُ بمُجرَّدِ قَوْلِهما. ويَحْتَمِلُ أنْ يَسْقُطَ الحَدُّ إذا لم يُعْلَمْ كَونُها أجْنَبِيَّةً منه؛ لأنَّ ما ادَّعَيَاهُ مُحتَمِلٌ، فيكونُ ذلك شُبْهةً، كما لو شُهِدَ عليه بالسَّرِقَةِ، فادَّعَى أنَّ المسْرُوقَ مِلْكُه.

١٥٥٧ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أَتَى بَهِيمَةً أُدِّبَ، وأُحْسِنَ أَدَبُهُ، وقُتِلَتِ الْبَهِيمَةُ)

اختَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، في الذي يأْتِى البَهِيمَةَ، فرُوِىَ عنه، أنَّه يُعَزَّرُ، ولا حَدَّ عليه. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ، وعَطَاءٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والحَكَمِ، ومالِكٍ،


(١٤) سورة هود ١١٤. وأما آية سورة الإسراء ٧٨، فليست المراد هنا. انظر التخريج الآتى للحديث.
(١٥) ليس في المجتبى، ولعله في السنن.
وأخرجه البخاري، في: باب قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ. . .}، من كتاب التفسير - سورة هود -. صحيح البخاري ٦/ ٩٤. ومسلم، في: باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، من كتاب التوبة. صحيح مسلم ٤/ ٢١١٥، ٢١١٦. وأبو داود، في: باب في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع. . ., من كتاب الحدود ٢/ ٤٦٩. والترمذي، في: باب ومن سورة هود، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ١١/ ٢٧٦ - ٢٨٠. وابن ماجه، في: باب ذكر التوبة من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>