للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيَالٍ سَوِيًّا} (١١). وقال فى مَوْضِعٍ آخَرَ: {ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} (١٢). ولَنا، أنَّ اليَوْمَ اسْمٌ لِبَياضِ النَّهارِ، والتَّثْنِيَةُ والجَمْعُ تَكْرَارٌ لِلْوَاحِدِ، وإنَّما تَدْخُلُ اللَّيالِى تَبَعًا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا، وهذا يَحْصُلُ بما بين الأَيَّامِ خاصَّةً، فاكْتُفِىَ به. وأمَّا الآيَةُ فإنَّ اللهَ تعالى نَصَّ على اللَّيْلِ فى مَوْضِعٍ والنَّهارِ فى مَوْضِعٍ، فصارَ مَنْصُوصًا عليهما. فإن نَذَرَ اعْتِكافَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، لَزِمَهُ يَوْمانِ وَلَيْلَةٌ بينهما. وإن نَذَرَ اعْتِكافَ يَوْمَيْنِ مُطْلَقًا، فعلى قَوْلِ القاضى، هو كما لو نَذَرَهُما مُتَتابِعَيْنِ. وكذلك لو نَذَرَ لَيْلَتَيْنِ، لَزِمَهُ اليَوْمُ الذى بَيْنَهما. وعلى قَوْلِ أبى الخَطَّابِ، لا يَلْزَمُه التَّتابُعُ، ولا ما بينهما، إلَّا بِلَفْظِهِ أو نِيَّتِه.

فصل: وإن نَذَرَ اعْتِكافَ يَوْمٍ، لم يَجُزْ تَفْرِيقُه، ويَلْزَمُه أن يَدْخُلَ مُعْتَكَفَهُ قبل طُلُوعِ الفَجْرِ، ويَخْرُجَ منه بعدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وقال مالِكٌ: يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ من لَيْلَةِ ذلك اليَوْمِ، كقَوْلِنا فى الشَّهْرِ؛ لأنَّ اللَّيْلَ يَتْبَعُ النَّهارَ، بِدَلِيلِ ما لو كان مُتَتابِعًا. ولَنا، أنَّ اللَّيْلَةَ ليستْ من اليَوْمِ، وهى من الشَّهْرِ. قال الخَلِيلُ: اليَوْمُ اسْمٌ لما بين طُلُوعِ الفَجْرِ وغُرُوبِ الشَّمْسِ. وإنَّما دَخَلَ اللَّيْلُ فى المُتَتَابعِ ضِمْنًا، ولهذا خَصَصْناهُ بما بين الأيَّامِ. وإن نَذَرَ اعْتِكافَ لَيْلَةٍ، لَزِمَهُ دُخُولُ مُعْتَكَفِه قبلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ويَخْرُجُ منه بعدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وليس له تَفْرِيقُ الاعْتِكافِ. وقال الشَّافِعِىُّ: له تَفْرِيقُه. هذا ظَاهِرُ كَلَامِه، قِيَاسًا على تَفْرِيقِ (١٣) الشَّهْرِ. ولَنا، أنَّ إطْلَاقَ اليَوْمِ يُفْهَمُ منه التَّتابُعُ، فَيَلْزَمُه (١٤)، كما لو قال: مُتَتَابِعًا. وفَارَقَ الشَّهْرَ، فإنَّه اسْمٌ لما بين الهِلَالَيْنِ، واسْمٌ لِثلاثِين يَوْمًا، واسْمٌ لغيرِ ذلك، واليَوْمُ لا يَقَعُ فى الظَّاهِرِ إلَّا على ما ذَكَرْنَا. وإن قال فى وَسَطِ


(١١) سورة مريم ١٠.
(١٢) سورة آل عمران ٤١.
(١٣) فى م: "تعريف". تحريف.
(١٤) فى الأصل، أ: "فلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>