للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأَنَّه جعلَ الأُولَى جَزاءً للشَّرْطِ، وعقَّبه إيَّاها بفَاءِ التَّعْقيبِ، الموضوعةِ للجزاءِ، فلم يَجُزْ تقْديمُها (٤٣) عليه كسائرِ نَظائِرِه، ولأنَّه لو قال: إن دخلَ زيدٌ دارِى، فأعْطِه دِرْهمًا [ثُمَّ دِرْهَمًا] (٤٤). لم يَجُزْ أن يُعْطِيَه قبلَ دُخولِه، فكذا ههُنا. وما ذكَرُوه تَحَكُّمٌ، ليس له شاهِدٌ فى اللُّغةِ، ولا أصل (٤٥) فى الشَّرعِ.

فصل: وإن قال لمَدْخُول بها: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ ثم طالقٌ ثم طالقٌ. لم يقَعْ بها شىءٌ حتى تَدْخُلَ الدّارَ، فتقعَ بها الثَّلاثُ. وبهذا قال الشّافعىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. [وذهب القاضِى إلى وُقوعِ طَلْقَتيْنِ] (٤٦) فى الحالِ، وتَبْقَى الثَّالثةُ مُعلَّقةً بالدُّخولِ (٤٧). وهو ظاهرُ الفسادِ، فإنَّه يجْعلُ الشَّرْطَ المُتقدِّمَ للمَعْطوفِ، دونَ المعطوفِ عليه، ويُعلِّقُ به ما يَبْعُدُ عنه، دونَ ما يَلِيه، ويجعلُ جَزاءَهُ (٤٨) ما لم تُوجَدْ فيه الفاءُ التى يُجازَى بها، دونَ ما وُجِدَتْ فيه، تَحَكُّمًا [لا يَعْرِفُ عليه دليلًا] (٤٩)، ولا نَعْلمُ له نَظِيرًا. وإن قال لها: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ فطالقٌ فطالقٌ. فدخلَتْ، طَلُقَتْ ثلاثًا. فى قولِهِم جميعًا.

١٢٧٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا طَلَّقَ ثَلاثًا، وَهُوَ يَنْوِى وَاحِدةً، فَهِىَ ثَلَاثٌ)

وجملةُ ذلك أنَّ الرَّجُلَ إذا قال لامرأتِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا. فهى ثلاثٌ، وإن نَوَى واحدةً، لا نَعْلمُ فيه خلافًا؛ لأنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فى الثَّلاثِ، والنِّيّةُ لا تُعارِضُ الصَّريحَ؛ لأنَّها أضْعفُ مِن اللّفظِ، ولذلك لا نَعْملُ بِمُجَرَّدِها، والصَّريحُ قوىٌّ يُعمَلُ بمُجَرَّدِه،


(٤٣) فى الأصل: "تقدمها".
(٤٤) سقط من: م.
(٤٥) فى ب زيادة: "له".
(٤٦) فى أ: "وقال القاضى: تقع طلقتان".
(٤٧) فى أزيادة: "ولعله مذهب أبى حنيفة".
(٤٨) فى م: "جزاء".
(٤٩) فى ب، م: "لا يعرف عليه دليل".

<<  <  ج: ص:  >  >>