للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عباس، أنَّهما قالَا على (٣) الحَائِضِ تَطْهُرُ قبلَ طُلُوعِ الفجرِ بِركْعَةٍ: تُصَلِّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ، فإذا طَهُرَتْ قَبْلَ أن تَغْرُبَ الشَّمْسَ، صلَّت الظُّهْرَ والعَصْرَ جميعًا. ولأن وقتَ الثَّانِية وقتٌ للأُولَى (٤) حَالَ العُذْرِ، فإذا أَدْرَكَهُ المَعْذُورُ لَزِمَهُ فَرْضُها، كَما يَلْزَمُه فَرْضُ الثَّانِيَة.

فصل: والقَدْرُ الذي يَتَعَلَّقُ به الوُجُوبُ قَدْرُ تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ. وقال الشَّافِعِىُّ: قَدْرُ رَكْعَةٍ؛ لأنَّ ذلك هو الذي رُوِىَ عن عبدِ الرحمنِ وابْنِ عباسٍ، ولأنه إدْرَاكٌ تعَلَّقَ بهِ إدْرَاكُ الصلاةِ، فلم يكن بأَقَلَّ من ركْعَةٍ كإدْرَاكِ الجُمُعَةِ. وقال مالكٌ: خَمْسُ رَكَعَاتٍ. ولَنا، أنَّ ما دُونَ الرَّكْعَةِ تَجِبُ بهِ الثَّانِيَةُ، فَوَجَبَتْ به الأُولَى، كالرَّكْعَةِ والخَمْسِ عند مالكٍ، ولأنَّهُ إدْرَاكٌ فَاسْتَوَى فيهِ القليلُ والكثِيرُ، كإدْرَاكِ المُسافِرِ صلاةَ المُقِيمِ، فأمَّا الجُمُعَةُ فإنَّما اعْتُبِرَتِ الرَّكْعَةُ بِكَمَالِها؛ لكَوْنِ الجَمَاعَةِ شَرْطًا فيها فاعْتُبِرَ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ كَيْلَا يَفُوتَه شَرْطُها في مُعْظَمِها، بخِلافِ مَسْألَتِنا.

فصل: وإنْ أدرَكَ المُكَلَّفُ من وَقْتِ الأُولَى من صَلَاتَى الجَمْعِ قَدْرًا تَجِبُ بهِ، ثم جُنَّ أو كانت امْرَأةً فحاضتْ، أو نُفِسَتْ، ثم زالَ العُذْرُ بعد وقْتِهَا، لم تَجِب الثَّانِيَةُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، ولا يَجِبُ قَضَاؤُهَا. وهذا اخْتيارُ ابْنِ حامِدٍ. والأُخْرَى: يَجِبُ ويَلْزَمُ (٥) قَضَاؤُها؛ لأنَّها إحْدَى صَلَاتَىِ الجَمْعِ، فَوَجَبَتْ بإدْرَاكَ جُزْءٍ من وقْتِ الأُخْرَى، كالأُولَى. ووَجْهُ الأُولَى أنه لم يُدْرِكْ جُزْءًا من وقتِهَا، ولا وقتِ تَبَعِها، فلم تَجِبْ، كما لو لم يُدْرِكْ من وَقْتِ الأُولى شَيْئًا، وفارَق مُدْرِكَ وقتِ الثَّانِيَةِ، فإنَّه أَدْرَكَ وقتَ تَبَعِ الأُولَى، فإنَّ الأُولَى تُفْعَلُ في وقتِ الثَّانِيَةِ مَتْبُوعَةً مَقْصُودَةً يَجِبُ تَقْدِيمُها، والبدَايةُ بها، بخِلَافِ الثَّانِيَةِ مع الأُولَى، ولِأَنَّ مَنْ لا يُجَوِّزُ الجَمْعَ إلَّا في وقتِ الثَّانِيَةِ ليس وقتُ الأُولَى عندهُ وقتًا


(٣) في م: "في".
(٤) في م: "الأولى".
(٥) في الأصل: "ويلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>