للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضَّمِينُ والكَفِيلُ دَخَلَا (٣١) على بَصِيرَةٍ أنَّه لا حَظَّ لهما، ولأنَّه عَقْدٌ لا يَفْتَقِرُ إلى القَبُولِ، فلم يَدْخُلْهُ خِيارٌ، كالنَّذْرِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ والشَّافِعِىُّ. ولا نَعْلَمُ عن أحَدٍ خِلافَهم. فإن شَرَطَ الخِيارَ فيهما، فقال القاضي: عندى أنَّ الكَفالةَ تَبْطُلُ، وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه شَرَطَ ما يُنَافِى مُقْتَضَاهَا، فَفَسَدَتْ، كما لو شَرَطَ أن لا يُؤدِّىَ ما على المَكْفُولِ به، وذلك لأنَّ مُقْتَضَى الضَّمانِ والكَفالةِ لُزُومُ ما ضَمِنَه أو كَفَلَ به، والخِيارُ يُنَافِى ذلك. ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلُ الشَّرْطُ وتَصِحَّ الكَفَالَةُ، كما قُلْنا في الشُّرُوطِ الفَاسِدَةِ في البَيْعِ. ولو أقَرَّ بأنَّه كَفَلَ (٣٢) بِشَرْطِ الخِيَارِ، لَزِمَتْهُ الكَفالةُ، وبَطَلَ الشَّرْطُ؛ لأنَّه وَصَلَ بإِقْرارِه ما يُبْطِلُه، فأشْبَهَ اسْتِثْنَاءَ الكُلِّ.

فصل: وإذا ضَمِنَ رجلانِ عن رجلٍ ألْفًا، ضَمانَ اشْتِرَاكٍ (٣٣) فقالا: ضَمِنَّا لك الأَلْفَ الذي على زيْدٍ. فكلُّ واحدٍ منهما ضَامِنٌ لِنِصْفِه. وإن كانوا ثَلَاثَةً، فكلُّ واحدٍ منهم (٣٤) ضَامِنٌ ثُلُثَهُ. فإن قال واحدٌ منهم (٣٤): أنا وهذان (٣٥) ضَامِنُونَ لك الأَلْفَ. فسَكَتَ الآخَرانِ، فعليه ثُلُثُ الأَلْفِ، ولا شىءَ عليهما. وإن قال كلُّ واحدٍ منهم: كلُّ واحدٍ مِنَا ضَامِنٌ لك الأَلْفَ. فهذا ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ وانْفِرَادٍ، وله مُطَالَبَةُ كلِّ واحدٍ منهم بالألْفِ كلِّه إن شاءَ. وإن أدَّى أحَدُهم الأَلْفَ كلَّه، أو حِصَّتَهُ منه (٣٦). لم يَرْجِعْ إلَّا على المَضْمُونِ عنه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم ضَامِنٌ أَصْلِىٌّ، وليس بِضَامِنٍ عن الضَّامِنِ الآخَرِ.

٨٢٥ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسٍ لَزِمَهُ مَا عَلَيْهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا)

وجملةُ ذلك أن الكَفَالةَ بالنَّفْسِ صَحِيحَةٌ، في قولِ أكْثَر أَهْلِ العِلْمِ. هذا مذهبُ


(٣١) سقط من: أ، م.
(٣٢) في الأصل: "كفيل".
(٣٣) في أ، م: "اشتراط".
(٣٤) سقط من: الأصل، ب.
(٣٥) في م: "وهذا".
(٣٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>