للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ اشْتراطُ البَداءَةِ فى كل موضِعٍ ذكَرْنا غيرَ لازمٍ، ولا يؤثِّرُ فى العَقْدِ؛ لأنَّه لا أثَرَ له فى تَجْوِيد رَمْى، ولا كثرةِ إصابَةٍ، كثيرٌ من الرُّماةِ يختارُ التَّأَخُّرَ على (٣٤) البِدالَةِ، فيكونُ وجودُ هذا الشَّرطِ كعَدَمِه. وإذا رَمَى البادِى بسَهْمٍ، رَمَى الثانِى بسَهْمٍ كذلك، حتى يَقْضِيَا رَمْيَهما؛ لأنَّ إطلاقَ المناضلَةِ يَقْتَضِى المُراسلَةَ، ولأنَّ ذلك أقرَبُ إلى التَّساوِى، وأنجَزُ للرمْى؛ لأنَّ أحَدَهما يُصْلِحُ قَوْسَه ويَعْدِلُ سَهْمَه، حتى يَرْمِىَ الآخَرُ. وإِنْ رَمَيا [بسَهْمَيْن سَهْمَيْن] (٣٥)، فحَسَنٌ، وهو العادَةُ بينَ الرُّماةِ فيما رَأَيْنا. وإِنْ اشْتَرَطا أَنْ يَرمِىَ أَحَدُهما رِشْقَه (٣٦)، ثُم يَرْمِىَ الآخَرُ، أو يَرْمِىَ أحدُهما عَدَدًا، ثم يَرْمِىَ الآخرُ مثلَه، جازَ؛ لأنَّ هذا لا يُوثرُ فى مَقْصودِ المناضلَةِ، وإِنْ خالَفَ مُقْتَضَى الإطْلاقِ، كما يجوزُ أَنْ يشْتَرِطَ فى البَيْعِ ما لا يَقْتَضِيه الإطْلاقُ من النقودِ والخِيارِ والأجَلِ، لَمَّا كان غيرَ مانِعٍ من المَقْصودٍ.

فصل: وإِنْ شَرَطَا أَنْ يَرْمِيَا أرْشاقًا كثيرةً، جاز؛ لأنَّه إذا جازَ على القليلِ، جازَ على الكثيرِ، ولابُدَّ أَنْ تكونَ معلومةً. ثم إنْ شَرَطا أَنْ يَرْمِيَا منها كلَّ يومٍ قَدْرًا اتَّفَقَا عليه، جازَ؛ لأنَّ الغرَضَ فى هذا صحيحٌ، فإنَّهما أو أحدَهما قد يضْعُفُ عن الرَّمْى كُلِّه مع حِذْقِه. وإِنْ أطلَقَا العقدَ، جازَ، وحُمِلَ على التَّعْجِيل والحُلولِ، كسائِرِ العقودِ، فيَرْمِيان من أوَّلِ النَّهارِ إلى آخرِه، إلَّا أَنْ يَعْرِضَ عُذْرٌ يَمْنَعُ من مَرَضى، أو ريحٍ (٣٧) تُشَوِّشُ السِّهامَ، أو لحاجَتِه إلى طعامٍ أو شَرابٍ أو صلاةٍ أو قَضاءِ حاجَةٍ؛ لأنَّ هذه مُسْتَثْناةٌ بالعُرْفِ، وكذلك المَطرُ فإنَّه (٣٨) يُرْخِى الوتَرَ، ويُفْسِدُ الرِّيشَ (٣٩)، وإذا جاءَ اللَّيْلُ تَرَكاه؛ لأنَّ العادَةَ تَرْكُ الرَّمْى بالليلِ، فحُمِلَ العقدُ عليه مع الإطْلاقِ، إلَّا أَنْ يشتَرِطَا الرَّمْىَ ليلًا، فيأخذَ أحدُهما صاحِبَه بذلك. فإنْ كانَت الليلةُ مقمِرَةً منيرَةً، اكْتُفِىَ بذلك، وإلَّا رَمَيَا فى ضَوْءِ شَمْعَةٍ


(٣٤) فى الأصل: "عن".
(٣٥) فى أ: "سهمين سهمين".
(٣٦) فى م: "رشقا".
(٣٧) فى م زيادة: "أو".
(٣٨) فى الأصل، أ: "فإنهما".
(٣٩) فى ب، م: "الرشق".

<<  <  ج: ص:  >  >>