للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا كان الثَّمنُ مُؤَجَّلًا، أخَذَه الشَّفِيعُ بذلك الأَجَلِ، إن كان مَلِيئًا، وإلَّا أقامَ ضَمِينًا مَلِيئًا وأخَذَ. وبه قال مالكٌ، وعبدُ الملكِ، وإسحاقُ. وقال الثَّوْرِيُّ: لا يَأْخُذُها إلَّا [بالنَّقْدِ حالًّا] (١٢). وقال أبو حنيفةَ: لا يَأْخُذُها إلَّا بِثَمَنٍ حالٍّ، أو يَنْتَظِرُ مُضِىَّ الأَجَلِ ثم يَأْخُذُ. وعن الشَّافِعِىِّ كمَذْهَبِنا (١٣) لأنَّه (١٤) يُمْكِنُه الأَخْذُ (١٥) بالمُؤَجَّلِ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى أن يُلْزَمَ المُشْتَرِى قَبُولَ ذِمَّةِ الشَّفِيعِ، والذِّمَمُ لا تَتَماثَلُ، وإنَّما يَأْخُذُ بمِثْلِه، ولايَلْزَمُه أن يَأْخُذَ بمِثْلِه حالًّا، لِئلَّا يَلْزَمُه أَكْثَرُ ممَّا يَلْزَمُ المُشْتَرِى، [ولا بمِثْلِ الثمنِ] (١٦) إلى (١٧) الأَجَلِ؛ لأنَّه إنَّما يَأْخُذُه بمِثْلِ الثَّمنِ أو القِيمَة، والسِّلْعَةُ ليستْ واحدَةً منهما، فلم يَبْقَ إلَّا التَّخْيِيرُ. ولَنا، أنَّ الشَّفِيعَ تابِعٌ لِلمُشْتَرِى في قَدْرِ الثَّمنِ وصِفَتِه، والتَّأْجِيلُ من صِفَاتِه، ولأنَّ في الحُلُولِ زِيادَةً على التَّأْجِيلِ، فلم يَلْزَمِ الشَّفِيعَ، كَزِيادةِ القَدْرِ. وما ذَكَرُوه من اخْتِلَافِ الذِّمَمِ، فإننا (١٧) لا نُوجِبُها حتى تُوجَدَ المَلاءةُ في الشَّفِيعِ، أو في ضَمِينِه، بحيثُ يَنْحَفِظُ المالُ، فلا يَضُرُّ اخْتِلَافُهما فيما وراءَ ذلك، كما لو اشْتَرَى الشِّقْصَ بسِلْعةٍ وَجَبَتْ قِيمَتُها، ولا يَضُرُّ اخْتِلَافُهما. ومتى أخَذَه الشَّفِيعُ بالأَجَلِ، فمات الشَّفِيعُ أو المُشْتَرِى، وقُلْنا: يَحِلُّ الدَّيْنُ بالمَوْتِ. حَلَّ الدَّينُ على المَيِّتِ منهما دُونَ صاحِبِه؛ لأنَّ سَبَبَ حُلُولِه الموتُ، فاخْتَصَّ بمَن وُجِدَ في حَقِّه.

فصل: وإذا باعَ شِقْصًا مَشْفُوعًا، ومعه ما لا شُفْعَةَ فيه، كالسَّيْفِ والثَّوْبِ في عَقْدٍ واحدٍ، ثَبَتَتِ الشُّفْعةُ في الشِّقْصِ بحِصَّتِه من الثَّمنِ دونَ ما معه، فيُقَوَّمُ كل واحدٍ منهما، ويُقَسَّمُ الثَّمَنُ على قَدْرِ قِيمَتِهِما، فما يَخُصُّ الشِّقْصَ يَأْخُذُه الشَّفِيعُ. وبهذا قال


(١٢) في ب: "باليد وحالا".
(١٣) في م: "كمذهب أبي حنيفة".
(١٤) في ب زيادة: "لا".
(١٥) في ب: "أخذه".
(١٦) في ب: "فلا يلزمه". وفي م: "ولا بسلعة الثمن".
(١٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>