للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "وَجَّهْتُ وَجْهِىَ للّذِى فطرَ السَّمواتِ والأرْضَ، على مِلَّةِ إبراهيمَ حَنِيفًا (١٤)، وما أنا من المُشْركِين، إِنَّ صَلَاتِى ونُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِىَ للَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبذَلِكَ أُمِرْتُ وَأنا مِن المُسْلِمِين، اللَّهُمَّ مِنْكَ ولَكَ، عن محمَّدٍ وأمَّتِه، بِسْمِ اللَّهِ، واللَّهُ أكَبَرُ". ثمّ ذَبَحَ. روَاه أبو داودَ (١٥). ورَوَى ابنُ ماجَه (١٦)، عن أبى أيُّوبَ، قال: كان الرجلُ فى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُضَحِّى عنه بالشَّاةِ وعن أهلِ بَيْتِه، فيأْكُلُونَ، ويُطْعِمُونَ الناسَ. حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ.

فصل: وأَفْضَلُ الأضاحِى البَدَنَةُ، ثم البَقَرَةُ، ثم الشَّاةُ، ثم شِرْكٌ فى [بَدَنَةٍ، ثم شِرْكٌ فى] (١٧) بقرةٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: الأفْضَلُ الجَذَعُ من الضَّأْنِ، ثم البقرةُ، ثم البَدَنَةُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضَحَّى بكَبْشَيْنِ، ولا يفْعَل إلَّا الأفْضَلَ، ولو علم اللَّهُ خيرًا منه لفدَى به إسحاقَ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى الجُمُعَةِ: "مَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا، ومَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قرَّبَ دَجَاجَةً، ومَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قرَّبَ بَيْضَةً" (١٨). ولأنَّه ذَبْحٌ يتقَرَّبُ به إلى اللَّهِ تعالى، فكانت البَدَنَةُ فيه أفْضَلَ، كالهَدْى فإنَّه قد سَلَّمَه، ولأنَّها أكثرُ ثَمَنًا ولحمًا وأنفَعُ، فأمَّا التَّضْحِيَةُ بالكَبْشِ؛ فلأنَّه أفضلُ أجْناسِ الغَنَمِ، وكذلك حُصولُ الفداءِ به أفْضَلُ، والشَّاةُ أفضلُ من شِرْكٍ فى بَدَنَةٍ؛ لأنَّ إراقَةَ الدَّمِ مَقْصودَةٌ فى الأُضْحِيَةِ، والمُنْفَرِدُ يتقرَّبُ بإراقَتِه كُلِّه. والكَبْشُ أفْضَلُ الغَنَمِ؛ لأنَّه أُضْحِيَةُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أطْيَبُ لَحْمًا. وذكرَ القاضِى، أَنَّ جَذَعَ الضَّأْنِ أفْضلُ من ثَنِيِّ المَعْزِ؛ لذلك، ولأنّه يُرْوَى عن النَّبِىِّ


(١٤) فى م زيادة: "مسلمًا".
(١٥) تقدم تخريجه، فى: ٥/ ٣٠٠.
(١٦) فى: باب. من ضحى بشاة عن أهله، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٥١.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى ٦/ ٣٠٤. والإمام مالك، فى: باب الشركة فى الضحايا. . .، من كتاب الضحايا. الموطأ ٢/ ٤٨٦.
(١٧) سقط من: م. نقل نظر.
(١٨) تقدم تحريجه، فى: ٣/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>