للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِياسِه على الرَّضَاعِ. فأمَّا النَّفَقةُ، فإنَّ قُلْنا بتَعْجِيل (٢) الفُرْقةِ، فلا نفَقَةَ لها؛ لأنَّها بائِنٌ منه. وإن قُلْنا: يَقِفُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ. وكانت المرأةُ المُرْتَدّةَ، فلا نَفَقةَ لها؛ لأنَّهُ لا سَبِيلَ للزَّوْجِ إلى رَجْعَتِها، وتَلافِى نِكاحِها، فلم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ، كما بعدَ العِدَّةِ. وإن كان هو المُرْتَدَّ، فعليه النَّفقةُ للعِدَّةِ؛ لأنَّه بسَبِيلٍ من الاسْتِمتاعِ بها بأن يُسْلِمَ، ويُمْكِنُه تَلافِى نِكاحها، فكانت النَّفقةُ واجبةً عليه، كزَوْجِ الرَّجْعِيَّةِ.

فصل: فإن ارْتَدَّ الزَّوْجانِ معا، فحُكْمُهما حكمُ ما لو ارتدَّ أحدُهما؛ إن كان قبلَ الدخولِ تُعُجِّلَتِ الفُرْقةُ، وإن كان بعدَه، فهل تُتَعَجَّلُ، أو يَقِفُ على انْقِضاءِ العِدّةِ؟ على رِوَايتيْن. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. قال أحمدُ، فى رواية ابن منصورٍ: إذا ارْتَدَّا معا، أو أحَدُهما، ثمَّ تابَا، أو تابَ، فهو أحَقُّ بها، ما لم تَنْقَض العِدَّةُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَنْفَسِخُ النِّكاح اسْتِحْسانًا؛ لأنَّه لم لم يَخْتَلِفْ بهما الدِّينُ، فأشْبَهَ ما لو أسْلَمَا. ولَنا، أنَّها رِدَّة طارئةٌ على النِّكاحِ، فوَجَبَ (٣) أن يتَعَلّقَ بها فَسْخُه، كما لو ارْتَدَّ أحَدُهما، ولأنَّ كلَّ ما زال عنه مِلْكُ المُرْتَدِّ إذا ارْتَدَّ وحدَه، زال إذا ارْتَدَّ غيره معه، كمالِه، وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بما إذا انتقَلَ المُسْلِمُ واليهوديَّةُ إلى دِينِ النَّصْرانيَّةِ، فإنَّ نِكاحَهُما ينْفَسِخُ، وقد انْتَقلَا إلى دِينٍ واحدٍ. وأمَّا إذا أسْلَما، فقد انْتقلَا إلى دِينِ الحَقِّ، ويُقَرَّانِ عليه، بخِلافِ الرِّدَّةِ.

فصل: وإذا ارتدَّ أحدُ الزَّوْجيْنِ، أو ارْتَدَّا معا، مُنِعَ وَطْأَها، فإن وَطِئَها فى عِدَّتِها، وقُلْنا: إنَّ الفُرْقةَ تُعُجِّلَتْ. فلها عليه مَهْرُ مِثْلِها لهذا الوَطْءِ، مع الذى ثَبَتَ (٤) عليه بالنِّكاحِ؛ لأنَّه وَطِئَ أجْنَبِيَّةً، فيكونُ عليه مَهْر مِثْلِها. وإن قُلْنا: إنَّ الفُرْقةَ موقوفةٌ على انْقضاءِ العِدَّةِ. فأسْلَمَ (٥) المُرْتدُّ منهما، أو أسْلَما جميعًا فى عِدَّتِها، وكانت الرِّدَّةُ منهما،


(٢) فى الأصل، أ، ب: "بتعجل".
(٣) فى أ: "توجب".
(٤) فى أ، م: "يثبت".
(٥) فى م: "فإن أسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>