للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَفْسِه من مالِ وَلَدِه، ويَقْبِضَ لِنَفْسِه من نَفْسِه، [وكذلك لو وَهَبَ لِوَلَدِه الصَّغِير شَيْئًا، جازَ أنْ يَقْبَلَ له] (٢٨) من نَفْسِه، ويَقْبِضَ منها، فكذا هاهُنا.

فصل: وإن اشْتَرَى اثْنانِ طَعامًا، فَقَبضاه، ثمَّ باعَ أحَدُهُما الآخَرَ (٢٩) نَصِيبَه قبل أنْ يَقْتَسِماه، احْتَمَلَ أنْ لا يجوزَ ذلك. وهو قولُ الحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ، كَرِها أنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ مِن شَريكِه شَيْئًا، ممَّا يُكالُ أو يوزَنُ، قبل أنْ يقْتسِماه. لأنَّه لم يَقْبِضْ نَصِيبَه مُنْفَرِدًا، فأشْبَه غيرَ المَقْبُوضِ. ويَحْتَمِلُ الجَوازَ؛ لأنّه مَقْبُوضٌ لهما، يجوزُ بَيْعُه لأجْنَبِيٍّ، فجازَ بَيْعُه لِشَرِيكهِ، كسائِر الأمْوالِ. فإنْ تَقاسَماه، وتَفَرَّقا، ثمَّ باعَ أحَدُهما نَصِيبَه بذلك الكَيْلِ الذى كَالَه، لم يَجُزْ. كما لو اشْتَرَى من رَجُلٍ طَعامًا، فاكْتالَه، وتَفَرَّقا، ثمَّ باعَه إيَّاه بذلك الكَيْلِ. وإنْ لم يَتَفَرَّقا، خُرِّج على الرِّوايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَقَدَّمَتا.

٧٣٤ - مسألة؛ قال: (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ والتَّوْلِيَةُ والْحَوَالَةُ بِهِ كَالْبَيْعِ)

وجُمْلَتُه، أنَّ ما يَحْتاجُ إلى القَبْضِ لا تجوزُ الشَّرِكَةُ فيه، ولا تَوْلِيَتُه، ولا الحَوالَةُ به قبلَ قَبْضِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ والشَّافِعِيُّ. وقال مالِكٌ: يجوزُ هذا كلُّه فى الطَّعامِ قَبل قَبْضِه؛ لأنَّها تَخْتَصُّ بمثلِ الثَّمَنِ الأوَّلِ، فجازَتْ قبلَ القَبْضِ، كالإِقالَةِ. ولَنا، أنَّ هذه أَنْواعُ بَيْعٍ، فتَدْخُلُ فى عُمُومِ النَّهْىِ عن بَيْعِ الطَّعامِ قَبلَ أنْ يَسْتَوْفِيَهُ، فإنّ الشَّرِكَةَ بَيْعُ بعضِ المَبِيعِ بِقِسْطِه من ثَمَنِه، والتَّوْلِيَةَ بَيْعُ جَمِيعِه بمثلِ ثَمَنِه. ولأنَّه تَمْلِيكٌ لغيرِ مَن هو فى ذِمَّتِه، فأشْبَه البَيْعَ. وفارَقَ الإِقالَةَ، فإنَّها فَسْخٌ لِلْبَيْعِ، فأشْبَهَتِ الرَّدَّ بالعَيْبِ. وكذلك لا تَصِحُّ هِبَتُه ولا رَهْنُه ولا دَفْعُه أُجْرَةً، ولا ما أشْبَهَ ذلك من التَّصَرُّفاتِ المُفْتَقِرَةِ إلى القَبْضِ؛ لأنَّه غيرُ مَقبُوضٍ، فلا سَبِيلَ إلى إقْباضِه.


(٢٨) فى الأصل: "ولولده".
(٢٩) فى م: "للآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>