للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْتُسِب بوَضْعهِ فيه ومُرورِ الماءِ علَى أجْزائِه غَسْلَةٌ، فإن خَضْخَضَه في الماءِ وحَرَّكه بحيثُ يَمُرُّ عليه أجْزاءٌ غيرُ التي كانتْ مُلاقِيَةً له، احْتُسِبَ بذلك غَسْلَةٌ ثانيةٌ، كما لو مَرَّتْ عليه جِرياتٌ من الماءِ الجارِى. وإن كان المغسولُ إناءً فطُرِحَ فيه الماءُ، لم يُحْتَسَبْ به غَسْلَةٌ حتى يُفْرِغَه منه؛ لأنه العادةُ في غَسْلِه، إلَّا أن يكونَ يَسَعُ قُلَّتَيْن فصاعِدًا، فَمَلَأَه، فيَحْتَمِلُ أنَّ إدارةَ الماءِ فيه تُجْرَى مُجْرَى الغَسَلات، لأنَّ أجْزاءَه تَمُرُّ عليها جِرياتٌ من الماءِ غيرُ التي كانتْ مُلاقيةً له، فأَشْبَهَ ما لو مَرَّتْ عليها جِرياتٌ مِن ماءٍ جَارٍ.

وقال ابنُ عَقِيل: لا يكونُ غَسْلُه إلَّا بتَفْرِيغِه منه أيضًا.

وإن كان المغْسولُ جِسْمًا تدخُل فيه أجْزاءُ النجاسة، لم يُحْتَسَبْ برَفْعهِ من الماءِ غَسْلَةٌ، إلَّا بعدَ عَصْرِه، وعَصْرُ كلِّ شيءٍ بحَسَبِه، فإن كان بِسَاطًا ثقيلًا أو زِلِّيًّا (٢٧)، فعَصْرُه بتَقْلِيبِه ودَقِّه.

فصل: ما أُزِيلَتْ به النجاسةُ، إن انْفَصل مُتَغيِّرًا بالنجاسة، أو قبلَ طَهارةِ الْمحَلِّ، فهو نَجِسٌ؛ لأنه تغيَّرَ بالنجاسة [فينْجُسُ بها] (٢٨)، أو ماءٌ قليلٌ لَاقَى مَحَلّا نَجِسًا لم يُطَهِّرْهُ، فكان نَجِسًا، كما لو ورَدتْ عليه. وإن انْفَصلَ غيرَ مُتغَيِّرٍ مِن الغَسْلَةِ التي طَهُرَ بها المَحَلُّ، فإن كان المحلُّ أرضًا فهو طاهِرٌ، رِوايةً واحدةً؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمَر أن يُصَبَّ علَى بَوْلِ الأعْرابىِّ ذَنُوبٌ مِن ماءٍ. لِيُطَهِّرَ الأرضَ التي بالَ عليها، فلو كان المُنْفَصِلُ نَجِسًا لنَجُسَ به ما انْتَشرَ إليه مِن الأرض، فتكثُر النجاسةُ. وإن كان غيرَ الأرضِ، ففيه وَجْهان؛ قال أبو الخَطَّاب: أصَحُّهما أنه طاهِرٌ. وهو مذهبُ الشافِعىِّ؛ لأنه انْفَصَلَ عن مَحَلٍّ مَحْكومٍ بطهارتِه، فكان طاهِرًا، كالغَسْلَةِ الثامنة، وأن المُنْفَصِلَ بعضُ المُتَّصِل، والمُتَّصِلُ طاهِر، وكذلك المُنْفَصِل. والثانى: أنه نَجِسٌ. وهو قَوْلُ أبى حنيفة. واختاره أبو عبد اللَّه ابنُ


(٢٧) في الأصل، م: "زوليا"، والمثبت في: أ. والزلية، بكسر الزاى وتشديد اللام: نوع من البسط، والجمع الزلالى.
(٢٨) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>