للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْصَيْتُ إليك، فإذا كَبِرَ ابنى كان وَصِيِّى. صحَّ؛ لذلك (١٤)، فإذا كبرَ ابنُه صارَ وَصِيَّه. وعلى هذا لو قالَ: وَصَّيْتُ لك (١٥)، فإن تابَ ابنى عن فِسْقِه، أو قَدِمَ من غَيْبَتِه، أو صَحَّ مِن مَرَضِه، أو اشْتَغلَ بالعِلْمِ، أو صالَح أُمَّه، أو رَشدَ، فهو وَصيِّى. صحَّتِ الوَصيَّةُ إليه، ويَصِيرُ وَصِيًّا عندَ وُجودِ هذه الشُّروطِ.

٩٨٦ - مسألة؛ قال: (وإذَا كَانَ الوَصِىُّ خائِنًا، جُعِلَ مَعَهُ أَمِينٌ)

ظاهرُ هذا صحةُ الوَصِيَّةِ إلى الفاسقِ، ويُضمُّ إليه أمينٌ. وكذلك إن كان عَدْلًا فتغيَّرت حالُه إلى الْخِيانةِ لم يَخْرُجْ منها، ويُضَمُّ إليه أمِينٌ. ونقلَ ابنُ منصورٍ عن أحمدَ نحوَ ذلك. قال: إذا كانَ الوَصِيُّ متهمًا، لم يَخْرُجْ من يَدِه. ونقلَ المَرُّوذِىُّ، عن أحمدَ، في مَن أوْصَى لرَجُلَيْن، ليس أحدُهما بمَوضِعٍ للوَصيَّةِ (١)، فقال للآخَرِ (٢): أعْطِنى. لا يُعْطِيه شيئًا، ليس هذا بمَوْضِعٍ للوَصِيَّةِ. فقيلَ له: أليس المريضُ قد رَضىَ به؟ فقالَ: وإن رَضِىَ به. فظاهرُ هذا إبطالُ الوَصِيَّةِ إليه. وحمَلَ القاضي كلامَ الخِرَقِىِّ وكلامَ أحمدَ في إبْقائِه في الوَصِيَّةِ، على أنَّ خِيَانتَه طَرَأَتْ بعدَ الموتِ، فأمَّا إن كانتْ خِيانتُه مَوْجودةً حالَ الوَصِيَّةِ إليه، لم تَصِحَّ؛ لأنَّه لا يجوزُ تَوْلِيَةُ الخائِنِ على يَتِيمٍ في حياتِه، فكذلك بعد مَوْتِه، ولأنَّ الوَصيَّةَ ولايةٌ وأمانةٌ، والفاسِقُ ليس من أهلِهما. فعلى هذا، إذا كانَ الوَصِىُّ فاسِقًا، فحُكْمُه حُكْمُ مَن لا وَصِىَّ له، ويَنْظُرُ في مالِه الحاكمُ. وإن طرأَ فِسْقُه بعدَ الوَصِيَّةِ، زالتْ وِلايتُه، وأقامَ الحاكمُ مُقامَه أمِينًا. هذا اختيارُ القاضي. وهو قولُ الثوريِّ، والشافعىِّ، وإسحاقَ. وعلى قولِ الْخِرَقِىِّ:


(١٤) في أ: "ذلك".
(١٥) في أ: "إليك".
(١) في الأصل، أ: "الوصية".
(٢) في أ: "الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>