للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإنْ لم يَفْضُلْ إلَّا بعضُ صَاعٍ، فهل يَلْزَمُه إخْرَاجُه؟ على رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُما، لا يَلْزَمُه. اخْتَارَها ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّها طُهْرَةٌ، فلا تَجِبُ على مَنْ لا يَمْلِكُ جَمِيعَها، كالكَفَّارَةِ. والثانيةُ، يَلْزَمُه إخْرَاجُه؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذَا أَمَرْتُكُمْ بأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (٢٠). ولأنَّها طُهْرَةٌ، فوَجَبَ منها ما قَدَرَ عليه، كالطَّهَارَةِ بالماءِ، ولأنَّ الجُزْءَ من الصَّاعِ يُخْرَجُ عن العَبْدِ المُشْتَرَكِ، فجازَ أن يُخْرَجَ عن غيرِه، كالصَّاعِ.

فصل: وإن أعْسَرَ بفِطْرَةِ زَوْجَتِه، فعليها فِطْرَةُ نَفْسِها، أو على سَيِّدِها إن كانتْ مَمْلُوكَةً؛ لأنَّها تُتَحَمَّلُ إذا كان ثَمَّ مُتَحَمَّلٌ، فإذا لم يَكُنْ عَادَ إليها، كالنَّفَقَةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجِبَ عليها شىءٌ؛ لأنَّها لم تَجِبْ على مَن وُجِدَ سَبَبُ الوُجُوبِ فى حَقِّه لِعُسْرَتِه، فلم تَجِبْ على غيرِه، كَفِطْرَةِ نَفْسِه. وتُفَارِقُ النَّفَقَةَ، فإنَّ وُجُوبَها آكَدُ؛ لأنَّها ممَّا لا بُدَّ منه، وتَجِبُ على المُعْسِرِ، والعاجِزِ، ويُرْجَعُ عليها بها عندَ يَسَارِهِ، والفِطْرَةُ بخِلافِها.

فصل: ومَن وَجَبَتْ نفقتُه (٢١) على غَيْرِه، كالمَرْأَةِ والنَّسِيبِ الفَقِيرِ، إذا أخْرَجَ عن نَفْسِه بإذْنِ مَن تَجِبُ عليه، صَحَّ بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّه نائِبٌ عنه. وإن أخْرَجَ بغيرِ إذْنِه، ففيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهما، يُجْزِئُه، لأنَّه أخْرَجَ فِطْرَته فأجْزَأهُ، كالتى وَجَبَتْ عليه. والثانى: لا يُجْزِئُه؛ لأنَّه أدَّى ما وَجَبَ على غيرِه بغيرِ إذْنِه، فلم يَصِحَّ، كما لو أدَّى عن غيرِه.

فصل: ومَن له دَارٌ يَحْتاجُ إليها لِسُكْناهُ (٢٢)، أو إلى أجْرِهَا لِنَفَقَتِه، أو ثِيَابُ بِذْلَةٍ له، أو لِمَنْ تَلْزَمُه مُؤْنَتُه، أو رَقِيقٌ يَحْتَاجُ إلى خِدْمَتِهم، هو أو مَنْ


(٢٠) تقدم تخريجه فى ١/ ٣١٥.
(٢١) فى ب، م: "فطرته".
(٢٢) فى أ، ب، م: "لسكناها".

<<  <  ج: ص:  >  >>