للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليَهُودِيُّ. أفْسَدْتَ عَلَيَّ بِئْرِى، فاشْتَرِ بَاقِيَها. فاشْتَراهُ بِثَمَانِيَةِ آلافٍ. وفى هذا دَلِيلٌ على صِحَّةِ بَيْعِها، وتَسْبِيلِها، وصِحَّةِ بَيْعِ ما يَسْتَقِيهِ منها، وجَوازِ قِسْمَةِ مائِها بالمُهَايَأَةِ (٣٩)، وكَوْنِ مالِكِها أحَقَّ بِمائِها (٤٠)، وجَوازِ قِسْمَةِ ما فيه حَقٌّ وليس بِمَمْلُوكٍ. فأمَّا المِياهُ الجارِيَةُ، فما كان نابِعًا في غير مِلْكٍ، كالأنْهَارِ الكِبارِ، وغيرِها، لم تُمْلَكْ بحالٍ، ولو دَخَلَ إلى أرْضِ رَجُلٍ، لم يَمْلِكْهُ بذلك، كالطَّيْرِ يَدْخُلُ إلى أرْضِه، ولكلِّ أحدٍ أخْذُه. ولا يَمْلِكُه، إلَّا أن يَجْعَلَ له في أرْضِه مُسْتَقَرًّا، كالبِرْكَةِ، والقَرارَةِ (٤١)، أو يَحْتَفِرَ سَاقِيَةً، يأْخُذُ فيها من ماءِ النَّهْرِ الكَبِيرِ، فيكونُ أحَقَّ بذلك الماءِ من غيرِه، كَنقْعِ البِئْرِ، وإن كان ما يَسْتَقِرُّ في البِرْكَةِ لا يَخْرُجُ منها، فالأوْلَى أَنه يَمْلِكُه بذلك على ما سَنَذْكُرُه في مِياهِ الأمْطارِ. وما كان نابِعًا أو مُسْتَنْبَطًا كالقُنِيِّ، فهو كَنقْعِ البِئْرِ، وفيه من الخِلافِ ما فيه، فأمَّا المَصانِعُ المُتَّخَذَةُ لِمياهِ الأمْطارِ تُجْمَعُ فيها، ونحوُها من البِرَكِ وغيرِها، فالأولَى أنَّه يمْلكُ ماءَها، ويَصِحُّ بَيْعُه إذا كان مَعْلُومًا؛ لأنَّه مُبَاحٌ حَصَّلَه بشىءٍ مُعَدٍّ له، فملَكَه، كالصَّيْدِ يَحْصُلُ في شَبَكَتِه، والسَّمَكِ في بِرْكَةٍ مُعَدَّةٍ له، ولا يجُوزُ أخْذُ شىءٍ منه إلَّا بإذْنِ مالِكِه.

٧٢٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا اشْتَرَى الثَّمَرةَ دُونَ الأَصْلِ، ولَمْ يَبْدُ صَلاحُهَا على التَّرْكِ إلى الجِزَازِ، لم يَجُزْ. وإن اشْتَراها عَلَى القَطْعِ، جَازَ)

لا يَخْلُو بَيْعُ الثَّمَرةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها من ثَلاثَة أَقْسَامٍ؛ أحدُها، أن يَشْتَرِيَها بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، فلا يَصِحُّ البَيْعُ إجْماعًا، لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الثِّمَارِ حتى يَبْدُوَ صَلَاحُها. نهى البائِعَ والمُبْتَاعَ. مُتَّفَقٌ عليه (١). النَّهْيُ يَقْتَضِى فَسادَ المَنْهِيِّ


(٣٩) المهايأة: قسمة الأيام في السقى.
(٤٠) في م: "بمثلها".
(٤١) في م: "والقرار".
(١) أخرجه البخارى، في: باب بيع الثمار قبل أن ببدو صلاحها، من كتاب البيوع. صحيح البخارى
٣/ ١٠١. ومسلم، في: باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، من كتاب البيوع. صحيح مسلم
٣/ ١١٦٥، ١١٦٦. =

<<  <  ج: ص:  >  >>