للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠٨ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ طَالَبتْهُ قبل الدُّخولِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ، وكَذلِكَ إِنْ فَرَضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْهُ فَرَضِيَتْهُ)

وجملةُ ذلك أَنَّ المُفَوّضةَ لها المطالبةُ بفَرْض المَهْرِ؛ لأنَّ النِّكاحَ لا يَخْلُو من المَهْرِ، فوَجَبَتْ لها المطالبةُ بِبَيانِ قَدْرِه. وبهذا قال الشافعىُّ. ولا نعلمُ فيه مُخالِفًا. فإن اتَّفَقَ الزَّوْجانِ على فَرْضِه، جاز ما فَرَضَاه، قَلِيلًا كان أو كثيرًا، سواءٌ كانا عالِمَيْنِ بمَهْرِ المِثْلِ أو غيرَ عالِمَيْنِ به. وقال الشافعىُّ فى قولٍ له: لا يَصِحُّ الفَرْضُ بغيرِ (١) مهرِ المثلِ إلَّا مع عِلْمِها بمَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّ ما يَفْرِضُه (٢) بَدَلٌ عن مَهْرِ المِثْلِ، فيَحْتاجُ أن يكونَ المُبْدَلُ (٣) مَعْلُومًا. ولَنا، أنَّه إذا فَرَضَ لها كثيرًا، فقد بَذَلَ لها من مالِه فوقَ ما يَلْزَمُه، وإن رَضِيَتْ بالْيَسِيرِ، فقد رَضِيَتْ بدُونِ ما يَجِبُ لها، فلا تُمْنَعُ من ذلك. وقولُهم: إنه بَدَلٌ. غيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ البَدَلَ غيرُ المُبْدَلِ، والمَفْروضُ إن كان ناقِصًا فهو بعضُه. وإن كان أكثرَ فهو الواجِبُ وزِيادَةٌ، فلا يَصِحُّ جَعْلُه [بَدَلًا، ولو كان] (٤) بدلًا لمَا جازَ مع العِلْمِ؛ لأنَّه يُبْدِلُ ما فيه الرِّبَا بجِنْسِه مُتَفاضِلًا، وقد رَوَى عُقْبةُ بن عامرٍ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لرَجُلٍ (٥): "أَتَرْضَى أنِّى أُزَوِّجُكَ فُلَانةَ؟ " قال: نعم. وقال للمرأةِ: "أتَرْضِينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟ ! قالت: نعم. فزَوَّجَ أحَدُهما صاحِبَه، ودَخَلَ عليها، ولم يَفْرِضْ لها صَداقًا، فلما حَضَرَتْه الوفاةُ قال: إنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زَوَّجَنِى فُلانةَ، ولم يَفْرِضْ لها صَداقًا، ولم أُعْطِها شيئًا، وإنِّى قد أعْطَيْتُها عن صَدَاقِها سَهْمِى بخَيْبَرَ، فأخَذَتْ سَهْمَه، فباعَتْه بمائةِ ألْفٍ (٦). فأمَّا إن تَشَاحَّا فيه، ففَرَضَ لها مَهْرَ مثلِها، أو أكثرَ منه، فليس لها المطالبةُ


(١) فى الأصل، ب، م: "لغير".
(٢) فى ب، م: "فرضه".
(٣) فى أ: "البدل".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: أ، ب، م.
(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>