للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخِرَقِىِّ؛ لأنَّ الكلَّ من (١٤) سبيلِ اللَّه، ولأنَّ الفقيرَ لا فَرْضَ عليه، فالحَجَّةُ منه كالتَّطَوُّعِ، فعلى هذا يجوزُ أن يُدْفَعَ إليه، ما يَحُجُّ به حَجّةً كاملةً، وما يُغنِيه فى حَجِّه، ولا يجوزُ أن يَحُجَّ من زكاةِ نَفْسِه، كما لا يجوزُ أن يَغْزُوَ بها.

١٠٩٥ - مسألة؛ قال: (وابْنُ السَّبِيلِ، وهُوَ الْمُنْقَطِعُ بِهِ، وَلَهُ الْيَسَارُ فِى بَلَدِهِ، فَيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ ما يُبَلِّغُهُ)

ابنُ السبيلِ: هو الصِّنفُ الثامنُ من أهلِ الزّكاةِ. ولا خلافَ فى اسْتِحقاقِه وبَقاءِ سَهْمِه، وابنُ السَّبِيلِ هو المُسافِرُ الذى ليس له ما يَرْجِعُ به إلى بَلَدِه، وله اليَسارُ فى بَلَده، فيُعْطَى ما يَرْجِعُ به. وهذا قولُ قَتادةَ. ونحوُه قَوْلُ (١) مالكٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال الشافعىُّ: هو الْمُجتازُ (٢)، ومَنْ يريدُ إنْشاءَ السَّفَرِ إلى بلدٍ أيضًا، فيُدْفَعُ إليهما ما يَحْتاجانِ إليه لذهابِهِما وعَوْدِهِما؛ لأنَّه يُرِيدُ السَّفَرَ لغيرِ مَعْصِيةٍ، فأشْبَهَ الْمُجتازَ. ولَنا، أَنَّ ابنَ السَّبِيلِ هو المُلازِمُ للطَّرِيقِ الكائنِ فيها، كما يقالُ: وَلَدُ اللَّيْلِ. للذى يُكْثِرُ الخُرُوجَ فيه، والقاطِنُ فى بَلَدِه ليس فى طَرِيقٍ، ولا يَثْبتُ له حكمُ الكائنِ فها، ولهذا لا يَثْبُتُ له حكمُ السَّفَرِ بِهَمِّه به (٣) دون فِعْلِه (٤)، ولأنَّه لا يُفْهَمُ من ابنِ السَّبِيلِ إلَّا الغَرِيبَ دون مَنْ هو فى وَطَنِه ومَنْزِلِه، وإن انْتَهَتْ به الحاجةُ مُنْتَهاها، فوَجَبَ أن يُحْمَلَ المذكورُ فى الآية على الغريبِ دونَ غيرِه، وإنَّما يُعْطَى وله اليَسَارُ فى بَلَدِه؛ لأنَّه عاجزٌ عن الوُصُولِ إليه، والانتفاعِ به، فهو كالمَعْدُومِ فى حَقِّه. فإن كان ابنُ السبيلِ فقِيرًا فى بَلَدِه، أُعْطِىَ لفَقْره وكَوْنِه (٥) ابنَ سَبِيلٍ (٦)، لوُجُودِ الأمْرَيْنِ فيه، ويُعْطَى لكَوْنِه ابنَ سَبِيلٍ قَدْرَ ما


(١٤) فى الأصل، م: "فى".
(١) فى أ، م: "قال".
(٢) فى النسخ: "المختار".
(٣) سقط من: ب.
(٤) فى ب: "مثله".
(٥) فى أ، ب: "ولكونه".
(٦) فى م: "السبيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>