للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةَ، ولا يُجَمِّعُ. رَوَاهُما سَعِيدٌ. وأقامَ أنَسٌ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أو سَنَتَيْنِ، فكان لا يُجَمِّعُ (٣)، ذَكَرَهُ ابنُ المُنْذِرِ، وهذا إجْمَاعٌ مع السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فيه، فلا يَسُوغُ مُخَالَفَتُه.

فصل: فأمَّا العَبْدُ، ففيه رِوَايتانِ: إحْدَاهُما، لا تَجِبُ عليه الجُمُعَةُ. وهو قولُ مَن سَمَّينا في حَقِّ المُسَافِرِ. والثانيةُ، تَجِبُ عليه، ولا يَذْهَبُ من غيرِ إذْنِ سَيِّدِه. نَقَلَها المَرُّوذِىّ، واخْتَارَها أبو بكرٍ، وبذلك قالت طَائِفَةٌ، إلَّا أنَّ له تَرْكَها إذا مَنَعَهُ السَّيِّدُ، واحْتَجُّوا بقولِه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} (٤). ولأنَّ الجماعةَ تَجِبُ عليه، والجُمُعَةُ آكَدُ منها، فتكونُ أَوْلَى بالوُجُوبِ. وحُكِىَ عن الحسنِ، وقَتَادَةَ، أنَّها تَجِبُ على العَبْدِ الذي يُؤَدِّى الضَّرِيبَةَ، لأنَّ حَقَّهُ عليه قد تَحَوَّلَ إلى المالِ، فأَشْبَهَ مَن عليه الدَّيْنُ. ولَنا، ما رَوَى طَارِقُ بنُ شِهَابٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ، إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أو امْرَأَةٌ، أو صَبِىٌّ، أو مَرِيضٌ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٥)، وقال: طَارِقٌ رَأى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَسْمَعْ منه، وهو من أصْحابِه. وعن جابِرٍ، أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فعَلَيْه الجُمُعَةُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إلَّا مَرِيضًا، أو مُسَافِرًا، أو امْرَأَةً أو صَبِيّا، أو مَمْلُوكًا". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ (٦). وعن تَمِيمٍ الدَّارِىِّ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ إلَّا على خَمْسَةٍ: امْرَأَةٍ، أو صَبِىٍّ، أو مَرِيضٍ، أو مُسَافِرٍ، أو عَبْدٍ". رَوَاه رَجَاءُ بن المُرَجَّى (٧) الغِفَارِىُّ (٨)، في "سُنَنِه" (٩).


(٣) تقدم هذا الذي سبق كله في صفحة ١٥٤.
(٤) سورة الجمعة ٩.
(٥) تقدم تخريجه في ١٥٩.
(٦) في: باب من تجب عليه الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن الدارقطني ٢/ ٣.
(٧) في م: "مروجاء" خطأ، وهو رجاء بن مرجى بن رافع الغفارى المروزي الحافظ، سكن بغداد، وكان ثقة، ممن جمع وصنف، توفى سنة تسع وأربعين ومائتين. تهذيب التهذيب ٣/ ٢٦٩، ٢٧٠.
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) وأخرجه البيهقي مختصرا، في: باب من لا تلزمه الجمعة، من كتاب الجمعة. سنن البيهقي ٣/ ١٨٣. =

<<  <  ج: ص:  >  >>