للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْلِمِينَ (٣)، [كَزَكاةِ المالِ، ولا خِلافَ فى أنَّ زَكاةَ المالِ لا يجوزُ دَفْعُها إلى غيرِ المُسْلِمِينَ] (٤)، قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنْ لا يُجْزِئَ أن يُعْطَى من زَكَاةِ المالِ أحَدٌ من أهْلِ الذِّمَّةِ.

فصل: ويجوزُ أن يُعْطِىَ مِن أقارِبِه من يجوزُ أن يُعْطِيَهُ من زَكاةِ مَالِه، ولا يُعْطِى منها غَنِيًّا، ولا ذَا قُرْبَى، ولا أحَدًا مِمَّنْ مُنِعَ أخْذَ زَكاةِ المالِ. ويجوزُ صَرْفُها فى الأصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ؛ لأنَّها صَدَقَةٌ، فأشْبَهَتْ صَدَقَةَ المالِ.

فصل: وإن دَفَعَها إلى مُسْتَحِقِّها، فأخْرَجَها آخِذُها إلى دَافِعِها، أو جُمِعَتِ الصَّدَقَةُ عند الإمامِ، ففَرَّقَها على أهْلِ السُّهْمانِ، فعَادَتْ إلى إنْسَانٍ صَدَقَتُه، فاخْتارَ القاضى، جَوازَ ذلك، قال: لأنَّ أحمدَ قد نَصَّ فى مَن له نِصابٌ من الماشِيَةِ والزُّرُوعِ (٥)، أنَّ الصَّدَقَةَ تُؤْخَذُ منه، وتُرَدُّ إليه (٦)، إذا لم يَكُنْ له قَدْرُ كِفَايَتِه. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ، لأنَّ (٧) قَبْضَ الإمامِ أو المُسْتَحِقِّ أزَالَ مِلْكَ المُخْرِجِ، وعادَتْ إليه بِسَبِبٍ آخَرَ، فجازَ كما لو عَادَتْ بِمِيرَاثٍ. وقال أبو بكرٍ: مذهبُ أحمدَ أنَّه لا يَحِلُّ له أخْذُها؛ لأنَّها طُهْرَةٌ له، فلم يَجُزْ له أخْذُها كشِرَائِها؛ ولأنَّ عمرَ رَضِىَ اللهُ عنه، أرَادَ أن يَشْتَرِىَ الفَرَسَ الذى حَمَلَ عليه فىْ سَبِيلِ اللهِ. فقال له النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تَشْتَرِهَا، ولَا تَعُدْ فى صَدَقَتِكَ، فَإنَّ العَائِدَ فِى صَدَقَتِه كالْعَائِدِ فِى قَيْئِهِ" (٨)، فأمَّا إن اشْتَرَاها لم يَجُزْ له ذلك؛ لِلْخَبَرِ. وإن وَرِثَها فله أخْذُها؛ لأنَّها رَجَعَتْ إليه بغيرِ فِعْلٍ منه.


(٣) فى الأصل: "المسلم".
(٤) سقط من: أ. نقلة نظر.
(٥) فى م: "والزرع".
(٦) فى م: "عليه".
(٧) فى م: "ولأن".
(٨) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>