للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ غَرَامَته، لم يكُنْ له المُطَالَبَةُ به (١٣) قبلَ طَلَبِه منه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ له المُطَالَبَةَ؛ لأنَّه شَغَلَ ذِمَّتَه بإذْنِه، فكانت له المُطَالَبَةُ بِتَفْرِيغِها، كما لو اسْتَعَارَ عَبْدًا فرهَنَه، كان لِسَيِّدِه (١٤) مُطَالَبَتُه بِفَكَاكِه وتَفْرِيغِه من الرَّهْنِ. والأوَّلُ أَوْلَى. ويُفَارِقُ الضَّمَانُ العَارِيَّةَ؛ لأنَّ السَّيِّدَ يَتَضَرَّرُ بِتَعْوِيقِ مَنَافِع عَبْدِه المُسْتَعَار، فمَلَكَ المُطَالَبَةَ بما يُزِيلُ الضَّرَرَ عنه، والضَّامِنُ لا يَبْطُلُ بالضَّمَانِ شيءٌ من مَنَافِعِه. فأمَّا إن ضَمِنَ عنه بغير أمْرِه، لم يَمْلِكْ مُطَالَبَةَ المَضْمُونِ عنه قبلَ الأَدَاءِ بحالٍ؛ لأنَّه لا حَقَّ له يُطَالِبُ به، ولا شَغَلَ ذِمَّتَهُ بأَمْرِه، فأشْبَهَ الأَجْنَبِىَّ. وقيل: إنَّ هذا يَنْبَنِى على الرِّوَايَتَيْنِ في رُجُوعِه على المَضْمُونِ عنه بما أدَّى عنه، فإن قُلْنا: لا يَرْجِعُ. فلا مُطَالَبَةَ له بحَالٍ. وإن قُلْنا: يَرْجِعُ. فحُكْمُه حُكْمُ مَن ضَمِنَ عنه بأَمْرِهِ، على ما مَضَى مِن (١٥) تَفْصِيلِه.

فصل: فإن ضَمِنَ الضَّامِنَ ضَامِنٌ آخَرُ، فقَضَى أَحَدُهم الدَّيْنَ، بَرِئُوا جَمِيعًا. فإن قَضَاهُ المَضْمُونُ عنه، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ. وإن قَضَاهُ الضَّامِنُ الأَوَّلُ رَجَعَ على المَضْمُونِ عنه دون الضَّامِنِ عنه. وإن قَضَاهُ الثاني رَجَعَ على الأَوَّلِ، ثم رَجَعَ الأَوَّلُ على المَضْمُونِ عنه، إذا كان كلُّ واحدٍ منهما قد أَذِنَ لصاحِبه، فإن لم يكُنْ أَذِنَ له، ففى الرُّجُوعِ رِوَايَتانِ. وإن أَذِنَ الأَوَّلُ لِلثّانِى، ولم يأْذَنِ المَضْمُونُ عنه، أو أَذِنَ المَضْمُونُ عنه لِضَامِنِه، ولم يَأْذَن الضَّامِنُ لِضَامِنِه، رَجَعَ المأْذُونُ له على مَن أذِنَ له، ولم يَرْجِع الآخَرُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فإن أذِنَ المَضْمُونُ عنه لِلضَّامِنِ الثاني في الضَّمَانِ، ولم يَأْذَنْ له الضَّامِنُ الأوَّلُ، رَجَعَ على المَضْمُونِ عنه، ولم يَرْجِعْ على الضَّامِنِ؛ لأنَّه إنَّما رجَع (١٦) على مَن أَذِنَ له دُونَ غيرِه.

فصل: إذا كان له أَلْفٌ على رَجُلَيْنِ، على كلِّ واحدٍ منهما نِصْفُهُ، وكلُّ واحدٍ منهما


(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) في أ، م: "للسيد".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) في ب، م: "يرجع".

<<  <  ج: ص:  >  >>